للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، ثُمَّ ضَحِكَ. فَقِيلَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ كَمَا فَعَلْتُ، ثُمَّ ضَحِكَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ قَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذا قَالَ: اغْفِرْ لِي ذنُوبِي، يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي"١.

وليتأمَّل المسلم هذا وما فيه من دلالة على كمال فضل الله وسعة مغفرته وتَمام برِّه وإحسانه، مع غناه الكامل عن توبة عباده واستغفارهم.

وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا ركب دابَّته مسافراً أن يسأل الله أن يكتب له البرَّ والتقوى في سفره، وأن يُيَسِّر له العمل الصالح الذي يرضيه، وأن يهوِّن عليه السفر، وأن يعيذه فيه من العواقب السيِّئة في نفسه أو ماله أو أهله.

ففي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجاً إِلَى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلاَثاً، ثُمَّ قَالَ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا البِرَّ وَالتَقْوَى، وَمِنَ العَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ المَنْظَرِ، وَسُوءِ المُنْقَلَبِ فِي المَالِ وَالأَهْلِ، وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ: آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ "٢.

وقوله: "اللَّهمَّ إنَّا نسألك في سفرنا هذا البرَّ والتقوى" البرُّ فعل


١ سنن أبي داود (رقم:٢٦٠٢) ، وسنن الترمذي (رقم:٣٤٤٦) ، وصحَّحه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الترمذي (رقم:٢٧٤٢) .
٢ صحيح مسلم (رقم:١٣٤٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>