للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عباس، وهو يومئذ قد ذهب بصرُه: من هذا قالوا: هذا اليمانيُّ الذي يغشاك، فعرَّفوه إيَّاه، فقال ابن عباس: إنَّ السَّلامَ انتهى إلى البَرَكَة"١.

ومن أحكام السلام أن لا يُقْصَر على المعرفة، بل يُسلِّمُ المسلمُ على مَن عرف ومن لَم يعرف، وقد مرَّ معنا حديثُ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في هذا، وجاء في السُّنَّة أنَّ من أشراط الساعة قصْرَ السلام على المعرفة، ففي المسند بسند جيِّد عن الأسود بن يزيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ من أشراطِ السَّاعة إذا كانت التَّحيَّةُ على المعرفة"٢، وفي رواية: "أن يُسلِّمَ الرَّجل على الرَّجل لا يُسلِّمُ عليه إلاَّ للمعرفة".

ومن أحكام السلام ألاَّ يُبدَأ اليهودُ والنصارى بالسلام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تبدَؤُوا اليهود ولا النصارى بالسَّلام" ٣، وإذا بدؤوا هم بالسلام فإنَّه يُكتفى بالردِّ عليهم بأن يُقال "وعليكم" لِمَا في الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذا سَلَّمَ عَليكم أهلُ الكتاب فإنَّما يقولُ أحدُهم السَّامُ عليكم، فقل: وعَلَيكم"٤.

وأمَّا أهلُ البدع والأهواء ففي حُكم السلام عليهم تفصيلٌ يُعلم بمطالعة الأدلة ومعرفة هدي سلف الأمَّة رحمهم الله، فإذا كان المبتدعُ كافراً ببدعته وحكم المحقِّقون من أهل العلم بخروجه من الملَّة، فإنَّه لا يُسلَّمُ عليه؛ إذ حكمُ السلام عليه كحكم السلام على الكفار سواء.


١ موطأ مالك (رقم:٢٧٥٨) .
٢ المسند (١/٣٨٧) ، وصحَّحه الألباني ـ رحمه الله ـ في الصحيحة (رقم:٦٤٨) .
٣ صحيح مسلم (رقم:٢١٦٧) .
٤ صحيح البخاري (رقم:٦٢٥٧) ، وصحيح مسلم (رقم:٢١٦٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>