للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتَوَى} ١، وقد ذكر المفسِّرون في سبب نزول هذه الآيات، أنَّ الله لمّا أنزل القرآن على رسوله صلى الله عليه وسلم قام به هو وأصحابه خير قيام، فقال المشركون: ما أنزل هذا القرآن على محمّد إلاّ ليشقى، فأنزل الله تعالى قوله: {طَهَ مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ القُرْآنَ لِتَشْقَى، إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَن يَخْشَى} أي: فليس الأمر كما زعمه هؤلاء المبطلون، بل من آتاه الله العلم بوحيه والفقه في تنزيله فقد أراد به خيراً كثيراً، قال قتادة رحمه الله في قوله: {مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ القُرْآنَ لِتَشْقَى} قال: "لا والله ما جعله شقاءً، ولكن جعله رحمة ونورًا ودليلاً إلى الجنّة"٢.

فحقيقٌ بحامل القرآن بل وبكلِّ مسلم أن يقف عنده فيحلّ حلاله ويحرِّم حرامه ويصدّق بأخباره، ولا يتجاوز بغلوٍّ وإفراط، أو يَقْصِرُ عنه بجفاء وتفريط، بل يكون في ذلك وسطًا.

روى أبو داود في سننه، والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ من إجلال الله إكرامَ ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه، وذي السلطان المقسط"، وإسناده حسن، حسّنه الذهبي في الميزان، وابن حجر في التلخيص الحبير وغيرُهما من أهل العلم٣.

فوصف صلى الله عليه وسلم أهلَ القرآن حقًّا وحملته صدقاً الذين يستحقون


١ سورة طه، الآيات: (١ ـ ٥) .
٢ تفسير ابن كثير (٥/٢٦٧) .
٣ سنن أبي داود (رقم:٤٨٤٣) ، وشعب الإيمان (رقم:٢٤٣١) ، والميزان (٢/١١٨) ، والتلخيص الحبير (٤/٥٦٥) ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (رقم:٢١٩٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>