للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد ثلاثة أيّام حين لفظهم البحر.

وحقيقة النّظر: تعمّد الرؤية، وهو مستعمل في العين والقلب، كالإبصار والرؤية والرأي (١).

٥١ - {وَإِذْ واعَدْنا مُوسى:} وحقيقة الوعد أن يكون للشيء، فإذا كان على الشيء فهو مجاز (٢)، والمراد به التخويف بالجائز الممكن، كقوله: {الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ} [البقرة:٢٦٨]، وقال صلّى الله عليه وسلّم في دعائه: (يا من إذا وعد وفى وإذا توعّد عفا) (٣).

و (موسى): اسم أعجميّ أصله: موشي، أي: الماء والشجر؛ لأنّهم التقطوه بين الماء والشجر، فعرّبته العرب (٤).

والموعود ما كان {أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} من المناجاة ومشاهدة الملكوت والآيات وإعطاء التوراة (٥).

وقد صام عليه السّلام وتنزّه عن الشهوات مكان (٦) يوم يوما، ثمّ انطلق إلى الميقات بأمر ربّه.

وفيه يقول الله تعالى: {وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ} [الأعراف:١٤٢] (٧).

والدليل على أنّ المراد بالأربعين وقت المناجاة دون وقت صومه أنّ بني إسرائيل عدّوا بعده عشرين يوما وعشرين ليلة ثمّ اتّخذوا العجل (٨)، وفي ذلك قوله: {أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ} [الأعراف:١٥٠]، وفي التوراة: (أربوعين يوم أربوعين يوم أربوعين يوم) (٩)، فحمل بعضهم على إثبات ثلاث مواقيت (١٠)، وإنّما هو (١١) تكرار اللفظ للتأكيد (١٢).

وحدّ الوعد في اللغة هو الضمان، يقال: هذا الغلام يعد رشدا، وهذه الغداة (١٣ و) تعد (١٣) بردا، إذا (١٤) كان مضمّنا ذلك، قال الله تعالى: {بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ} [التوبة:٧٧]، أي: ضمنوا له.


(١) ينظر: التبيان في تفسير القرآن ١/ ٢٢٧ - ٢٢٩، ومجمع البيان ١/ ٢٠٦ - ٢٠٧، والبحر المحيط ١/ ٣٥٣ و ٣٥٦.
(٢) ينظر: مجمع البيان ١/ ٢٠٩ - ٢١٠.
(٣) لم أقف عليه.
(٤) ينظر: تفسير الطبري ١/ ٣٩٩ - ٤٠٠، والنكت والعيون ١/ ١٠٦، والمحرر الوجيز ١/ ١٤٢.
(٥) ينظر: مجمع البيان ١/ ٢١٢، والبحر المحيط ١/ ٣٥٨.
(٦) ساقطة من ك.
(٧) ينظر: مجمع البيان ١/ ٢١٢، وتفسير القرآن العظيم ١/ ٩٥.
(٨) ينظر: تفسير القرآن الكريم ١/ ٣٥١، وتفسير البغوي ١/ ٧٣، والقرطبي ١/ ٣٩٥.
(٩) مكانها في ب: أربوعين ثم أربوعين يوم.
(١٠) ساقطة من ب.
(١١) ساقطة من ع.
(١٢) في ك: للتوكيد، وهو صواب أيضا.
(١٣) في الأصل وع: يعد، وهو تصحيف.
(١٤) في ك: وإذا، والواو مقحمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>