للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ:} يخالف بالاعتقاد إجماعهم بعد انعقاده (١). وإنّما صار إجماع هذه الأمّة حجّة بقوله: {لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ} [البقرة:١٤٣]، وقوله (٢) صلّى الله عليه وسلّم:

لا تجتمع أمّتي على الضّلالة.

{نُوَلِّهِ ما تَوَلّى:} نقلده ما تقلد بخذلانه (٣) وتيسيره للعسرى. وهذا الجزاء إنّما وجد حالة وجود الشّرط، ثمّ لله المشيئة فيه بعد ذلك [على قول] (٤) من لا يرى نسخ الوعيد، وعلى قولنا فلله أن لا يفعل الوعيد بمن شاء من خلقه.

١١٦ - {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ:} نزلت في طعمة بن أبيرق، فتكون آية عذاب، وما سبق (٥) في وحشيّ، فتكون آية رحمة. والمراد بهذه الآية عبدة الأصنام، وبالأولى أهل الكتاب.

{بَعِيداً:} يبعد عن الحقّ وقصد الطّريق (٦)، والبعيد ضدّ القريب.

١١٧ - {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ:} تقدير الآية: إن يدعون من دونه إلاّ إناثا وشيطانا، كقولك: لا أطيع إلاّ الأمير ولا أطيع إلاّ الوزير (٧)، أي: لا أطيع غيرهما، ولو أسقطت الواو ليصار (٨) كلامك بالإبدال على سبيل الاستدراك.

{إِلاّ إِناثاً:} جنيّا كوافر حللن في الصخر أو الخشب (٩) كاللات والعزّى ومناة وبنوانة ونائلة، ويحتمل بالإناث الأنفس المعبودة (١٠) من دون الله على سبيل العموم (١١).

{إِلاّ شَيْطاناً:} جنيّا كافرا متمرّدا وهو إبليس لعنه الله (١٢).

ويحتمل أنّ النّفي الثّاني نفي المستثنى المثبت من قبل على سبيل التّحقيق واعتبار الأصل كقوله: {يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ (١٣)} إِلاّ أَنْفُسَهُمْ [البقرة:٩]،


(١) ينظر: تفسير القرآن الكريم ٢/ ٤١٨، والكشاف ١/ ٥٦٥، ومجمع البيان ٣/ ١٩٠.
(٢) في ب: ولقوله. والحديث في مجمع الزوائد ٧/ ٢٢١، وكشف الخفاء ١/ ٦٧ و ٢/ ٤٧٠.
(٣) في ب: فخذلانه، وهو تحريف.
(٤) يقتضيها السياق.
(٥) في الآية ٤٨ من هذه السّورة.
(٦) ينظر: تفسير الطبري ٥/ ٣٧٧، والتبيان في تفسير القرآن ٣/ ٣٣٠.
(٧) في ب: النذير.
(٨) في ك وع: أيضا.
(٩) في الأصل: الصحراء والخشب، بدل (الصخر أو الخشب).
(١٠) في الأصل وك وع: المعهودة.
(١١) ينظر: معاني القرآن الكريم ٢/ ١٩١ - ١٩٢، والتبيان في تفسير القرآن ٣/ ٣٣١، وزاد المسير ٢/ ١٩٣.
(١٢) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٢/ ١٠٨، وتفسير البغوي ١/ ٤٨١، وزاد المسير ٢/ ١٩٣.
(١٣) النسخ الثلاث: يخادعون.

<<  <  ج: ص:  >  >>