للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد كان غار ثور قد تحدد منطلقًا للهجرة، وضُرب الموعد مع الدليل في ذلك المكان، وكان خروج المصطفى والصديق إلى الغار ليلًا (١).

ولا تقوى هذه الرواية على معارضة ما في الصحيح، ولكن يمكن التوفيق بينهما، لأن رواية الصحيح ليست صريحة في ركوبهما من بيت الصديق رضي الله عنه. فإذا افترضنا أن اصطحابهما معاً جرى من بئر ميمون أمكن التوفيق بين الروايتين.

لقد حمل أبو بكر رضي الله عنه ثورته ليضعها تحت تصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرت أسماء ابنته أنها خمسة آلاف أو ستة آلاف درهم (٢).

لقد مكث الاثنان في الغار ثلاث ليالٍ وقد تمكن المشركون من اقتفاء أثرهم إلى الغار حيث رأى الصديق أقدامهم فقال:"يا نبي الله، لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا.

قال: "أسكت يا أبا بكر اثنان الله ثالثهما" (٣). وإلى هذا اليقين والتوكل الكامل تشير الآية {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (٤).

لقد أخفقت قريش في العثور عليهما، فأعلنت مكافأة لمن يقتلهما أو يأسرهما (٥).

لقد أرخت رواية واهية خروج النبي صلى الله عليه وسلم من الغار في ليلة الاثنين لأربع ليال خلون من شهر ربيع الأول، وأدركتهما القيلولة ظهر يوم الثلاثاء بقديد. وهذا


(١) يؤيده ما في مغازي عروة ص ١٢٨، ١٢٩ ومغازي موسى بن عقبة، وكذلك رواية الواقدي في طبقات ابن سعد ١/ ٢٢٧.
(٢) مستدرك الحاكم ٣/ ٥ ودلائل البيهقي ٢/ ٤٨٠ بإسناد فيه انقطاع بين يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير وأسماء، ولكن يحيى أخذ الخبر عن أبيه عباد كما في سيرة ابن هشام ١/ ٤٨٨ فهو الذي يروي عن جدته أسماء لذلك فإن السند حسن. ثم هو مما يتداول عادة في الوسط العائلي.
(٣) صحيح البخاري (فتح الباري ٧/ ٢٥٧).
(٤) التوبة ٤٠.
(٥) صحيح البخاري (فتح الباري ٧/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>