للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظننت أنه سيورثه" وأفراد القرية الواحدة:"أيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائعاً فقد برئت منهم ذمة الله تبارك وتعالى" وأبناء المدينة الواحدة فلا تخرج زكاة أموالهم من مدينتهم إلا بعد استيفاء حاجات أبنائها .. وهكذا رتب الإسلام على الوحدات الاجتماعية الصغيرة القيام بمهام التكافل الاجتماعي وبذلك سد ثغرات كبيرة، وتأتي الدولة في نهاية المطاف فتسد ما تبقى من ثغرات مما عجز عنه الأفراد ... ولا شك أن ذلك يرفع عبئًا كبيراً عن كاهل الدولة تنوء به الدولة الحديثة.

وهكذا فإن إقرار الروابط العشائرية قصد به الاستفادة منها في التكافل الاجتماعي، ولكن لا تناصر في الظلم ولا عصبية وبذلك حول الإسلام وجهة الروابط القبلية واستفاد منها بتكييفها وفق أهدافه العليا.

إن التكافل الاجتماعي يحتم على العشيرة أن تعين أفرادها، ومن ذلك إذا قتل فرد منها أحدا خطأ، فإنها تدفع دية القتل بالتضامن بين أفرادها، وقد كان ذلك متعارفا عليه في الجاهلية فأقرته الوثيقة لما فيه من التعاون:"على ربعتهم يتعاقلون بينهم معاقلهم الأولى" أي على شأنهم وعادتهم من أحكام الديات (١). وكذلك تعين العشيرة الأسرى من أفرادها بمفاداتهم بالمال:"وهم يفدون عانيهم - أي الأسير - بالمعروف".

كما أكدت الوثيقة على المسئولية الجماعية، واعتبرت سائر المؤمنين مسئولين عن تحقيق العدل والأمن في مجتمع المدينة. إن أهمية ذلك كبيرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشكل قوة منظمة كالشرطة لتعقب الجناة ومعاقبتهم.

ونظراً لكون الحدود على الجرائم مصدرها الله تعالى لذلك فإن السعي إلى تطبيقها واجب ديني على المؤمنين، وهذا يكسب الأحكام قدسية ويعطيها قوة


(١) أبو عبيد: الأموال ص ٢٩٤. وابن الأثير: النهاية في غريب الحديث والأثر ٣/ ٢٧٩.
وانظر شرح الزرقاني المالكي على المواهب اللدنية للقسطلاني ٤/ ١٦٨. وابن منظور: لسان العرب مادة (عقل).

<<  <  ج: ص:  >  >>