للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتحسر لعناد قريش وفنائها في الحرب مع المسلمين، فيقول: "يا ويح قريش أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر الناس، فإن أصابوني كان الذي أرادوا، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وهم وافرون، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة، فماذا تظن قريش والله إني لا أزال أجاهدهم على الذي بعثني الله له حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة .. " (١).

وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم لقريش عن طريق رجال محايدين أحياناً وبواسطة رسل أرسلهم لهذا الغرض أحياناً أخرى أنه لا يريد حرب أحد، وإنما يريد زيارة البيت الحرام وتعظيمه، وقد قدم عليه بديل بن ورقاء الخزاعي وبيّن أن قريشاً تعتزم صد المسلمين عن دخول مكة، فأوضح له الرسول صلى الله عليه وسلم موقفه، فقام بتوضيحه لقريش (٢)، فأجابته قريش: "وإن كان إنما جاء لذلك فلا والله لا يدخلها أبدا عليناً ولا تتحدث بذلك العرب" (٣).

والحق أن المسلمين كسبوا الموقف سياسياً سواء دخلوا مكة وتحدثت العرب عن ذلك، أو لم يدخلوا فتحدثت العرب عن صد قريش لمن قصدوا تعظيم البيت العتيق، بعد أن كانت قريش تدعي أن السلمين لا يحترمون المقدسات.

وقد سعى الرسول صلى الله عليه وسلم لبيان موقفه أمام الناس جميعاً، فأرسل رسله تترى إلى قريش يعلنون مقصدهم، فأرسل خراش بن أمية الخزاعي فأرادت قريش قتله لولا أن منعهم الأحابيش (٤). وأراد أن يرسل عمر بن الخطاب ثم عدل عنه إلى عثمان بن عفان عندما بين عمر شديد عداوته لقريش وأنها تعلم ذلك وأن بني عدي قومه لا يحمونه (٥). فذهب عثمان إلى قريش، فأجاره أبان بن سعيد بن


(١) مسند أحمد ٤/ ٣٢٣، بإسناد حسن وصرح ابن إسحق بالتحديث في سيرة ابن هشام ٣/ ٣٠٨.
(٢) صحيح البخاري (الفتح الحديث رقم ٢٧٣١، ٢٧٣٢).
(٣) مسند أحمد ٤/ ٣٢٤، وسيرة ابن هشام ٣/ ٣٠٨، وإسناده حسن.
(٤) نفس المصدر السابق.
(٥) نفس المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>