للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمنازعة، فلم يكلم أحد بالإسلام يعقل إلا دخل فيه، ولقد دخل في تينك السنتين مثل من كان في الإسلام قبل ذلك" (١).

قال ابن هشام: "والدليل على قول الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الحديبية في ألف وأربعمائة ثم خرج في عام الفتح بعد ذلك بسنتين في عشرة آلاف" (٢).

وقد ظهرت حكم أخرى لهذا الصلح فبعد أن وصل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة جاءه أبو بصير مسلماً وقد فرَّ من قريش، فأرسلت في طلبه رجلين، فسلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهما، وفي الطريق تمكن أبو بصير من قتل أحد الرجلين وفرَّ الثاني إلى المدينة وخلفه أبو بصير، "فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم ثم نجاني الله منهم" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد"! فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده عليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر ... " (٣).

وقد فهم المستضعفون من المسلمين بمكة من عبارة الرسول صلى الله عليه وسلم أن أبا بصير بحاجة إلى الرجال، فأخذوا يفرون من مكة إلى أبي بصير في سيف البحر، فلحق به أبو جندل بن سهيل بن عمرو وغيره حتى اجتمعت منهم عصابة، وتعرضوا لقوافل قريش التجارية يقتلون حرسها ويأخذون أموالها "فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم، فمن أتاه فهو آمن، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم" (٤) وهم بناحية العيص، فقدموا وكانوا قريباً من الستين أو السبعين (٥).


(١) و (٢) سيرة ابن هشام ٣/ ٣٢٢.
(٣) صحيح البخاري (فتح الباري ٥/ ٣٣٢ حديث رقم ٢٧٣١، ٢٧٣٢).
(٤) المصدر السابق.
(٥) البيهقي: السنن الكبرى ٩/ ٢٢٧ بإسناد فيه يونس بن بكير وهو صدوق يخطئ، والحديث حسن لمتابعاته الكثيرة. وهو من طريق ابن إسحق، وساقه البيهقي من رواية الزهري مرسلاً، ويذكر أنهم صاروا بالعيص ثلاثمائة رجل وأن أبا بصير قدم عليه كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يموت، =

<<  <  ج: ص:  >  >>