للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء الملوك والحكام كما أنه لا يعني الطعن التاريخي بالنصوص إذ يمكن أن تكون صحيحة من حيث الشكل والمضمون، ولكنها لا ترقى إلى مستوى الاحتجاج بها في السياسة الشرعية. ومن ثم يبقى نص كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل هو الوحيد الذي يصح حديثياً ويمكن اعتباره نموذجا تقارن به بقية الكتب لغرض النقد التاريخي.

وإن هذا الحكم يسري على معظم وثائق العهد النبوي الأخرى إذ لا مجال لتصحيحها من الناحية الحديثية ولم تُعنَ الكتب الستة بتخريجها سوى كتاب هرقل في البخاري وكتاب عمير ذي مران في (سنن أبي داؤد) (١)، رغم أن الكثير منها يمكن أن يكون صحيحاً من الناحية التاريخية، ولكنه يبقى دون الاحتجاج به في موضوعات العقيدة والشريعة.

وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يكتب إلى الروم قيل له: إنهم لن يقرأوا كتابك إذا لم يكن مختوما، فاتخذ خاتماً من فضة ونقشه: محمد رسول الله (٢). مما يدل على مرونة السياسة الإسلامية في الإفادة من الوسائل والرسوم المعاصرة ما دامت لا تتعارض مع أحكام الشريعة وروحها العامة (٣).


(١) سنن أبي داؤد ٢/ ٣٨ - ٣٩.
(٢) صحيح البخاري (فتح الباري ١٠/ ٣٣٤).
(٣) عثر المستشرق بارتليمي (Barthelemy) على رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس مكتوبة على ورق جلدي قديم بناحية أخميم من صعيد مصر سنة ١٨٥٠ م وقد نشرتها المجلة الآسيوية سنة ١٨٥٤ م وهي محفوظة في متحف طوب قبو ساري باستنبول وتبدو داكنة ورقيقة وقد أصابها تشقق من وسطها، ولكنها ما زالت مقروءة. وقد وثق بها المسيوبلين (Bellin) ووافقه نولدكه.
وأعلن الدكتور بوش (Busch) الألماني سنة ١٨٦٣ م في مجلة المستشرقين الألمان العثور على رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوي. ولن تحظ بالتوثيق الكافي.
ونشر المستشرق الإنكليزي دنلوب (Dunlop) في مجلة الجمعية الآسيوية الملكية سنة ١٩٤٠ م أنه حصل على رق جلدي فيه رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي. ولكنه شك في صحتها وأعلن الدكتور صلاح الدين المنجد في جريدة الحياة البيروتية سنة ١٩٦٣ م عن الكشف عن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى مرجحا صحتها ولكن الثابت أن كسرى مزق الرسالة!! كما كشف عن وثيقة خاصة من وثائق العهد النبوي سنة ١٩٧٣ م وهي قديمة يزيد عمرها على ألف سنة، ولكن لم =

<<  <  ج: ص:  >  >>