للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القبائل بابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبه إلى الإسلام مما أهمَّه حتى انطلق بعيدا عن مكة لا يتعرف في طريقه إلى داره لفرط الهم (١).

وقد وقفت هوازن بعيدا عن الصراع الذي احتدم بين قريش والمسلمين بعد الهجرة، ولعلها كانت تظن أن قريشا تكفيها، وظلت ترقب المعارك في بدر وأحد والخندق دون أن تحرك ساكنا، بل إن الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة أقنعها بالرجوع عن المشاركة ببدر ما دامت تجاراتها قد سلمت (٢). وكان عروة بن مسعود الثقفي يطلب من قريش قبول الخطة التي عرضها عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديبية (٣). ولكن هذه المواقف الفردية تعبر عن حكمة بعض الثقفيين فقط، ولا تعبر عن موقف مسالم لثقيف وهوازن.

ويبدو أن عدم اشتراك ثقيف في الأحداث التي جرت حتى فتح مكة يرجع إلى اعتمادها على قريش وضعف تصورها لحقيقة القوة الإسلامية. وليس معنى ذلك أن هوازن لم تشعر قط بخطر المسلمين قبيل فتح مكة، فقد كان موقف قريش مشعرا بضعفها أمام المسلمين منذ اعترافها بهم ومعاهدتها معهم في الحديبية، واستمر موقفها يضعف مع الأيام ويعلو صوت الإسلام، وكانت معنوية قريش ضعيفة وقت فتح مكة، فلا شك أن جيرانها الثقفيين كانوا على قدر من الوعي بذلك، وكان بعض رجالهم قريبا من الأحداث، ولعل عدم نجدة هوازن وثقيف لقريش يرجع إلى نجاح المسلمين في كتمان هدف تحركهم. كما كانت هوازن تخشى على ديارها منهم، لذلك لم تبادر للدفاع عن مكة، ويشير الواقدي إلى أنهم أرسلوا عينا لهم لمعرفة إن كان المسلمون سيتوجهون إلى قريش أم هوازن، بل إن هوازن اتخذت موقف الاستعداد للمواجهة بجمع جموعها منذ


(١) صحيح البخاري ٤/ ٩١، ٩/ ٩٥ وصحيح مسلم ٣/ ١٤٢٠.
(٢) ابن حجر: الاصابة ١/ ٢٥.
(٣) صحيح البخاري ٣/ ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>