للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تحرك المسلمون من المدينة، وقد تصورت أنها المقصودة (١). وأعان على هذا التصور غموض موقف المسلمين من مصير صلح الحديبية.

فلما فتحت مكة وسقطت الزعامة القريشية، حملت هوازن راية الشرك، وتحركت بسرعة لمواجهة الموقف خاصة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يوقف نشاط المسلمين العسكري بعد الفتح، بل أرسل السرايا منها سرية بقيادة خالد بن الوليد بثلاثين فارسا نحو نخلة لهدم العزى فهدمها (٢)، وكانت بيتاً تعظمه العرب وهي من ديار ثقيف (٣). وكان ذلك لخمس ليال بقين من رمضان كما أرسل سعد بن يزيد الأشهلي في عشرين فارسا لست بقين من شهر رمضان إلى مناة بالمشلَّل - وهي القديدية الآن- وكان صنماً يعظمه العرب وخاصة الأنصار قبل إسلامهم، فهدمه سعد الأشهلي، وعاد إلى مكة (٤)، وقيل إن علياً (رض) هو الذي هدم مناة أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في طريقه إلى مكة قبل الفتح (٥). والروايتان ضعيفتان من الناحية الحديثية فابن سعد ساقها دون إسناد ومصدره فيما يبدو شيخه الواقدي وهو ضعيف، وابن الكلبي ضعيف، وثمة رواية تفيد أن أبا سفيان بن حرب هو الذي تولى هدمها، وليست بأقوى من الروايتين (٦). ولكن لا شك أن مناة قد هدمت فهذا الذي يثبت تاريخيا، وليس الحديث كالتاريخ من حيث الحاجة إلى قوة الأدلة.

وكذلك أرسل النبي صلى الله عليه وسلم سرية بقيادة خالد بن الوليد في شهر شوال من سنة ثمان للهجرة تضم ثلاثمائة وخمسين رجلا من المهاجرين والأنصار إلى بني


(١) الطبري ٣/ ٧٠.
(٢) ابن هشام: السيرة ٢/ ٤٣٦ وابن سعد: الطبقات ٢/ ١٤٥ والطبري: تاريخ ٣/ ٦٥؛ والمزي: تحفة الأشراف ٤/ ٢٣٥، حديث ٥٠٥٤ نقلا عن السنن الكبرى للنسائي لكن فيه الوليد بن جميع صدوق يهم. ولم تثبت في القصص التي تدور حول هدمها رواية صحيحة.
(٣) البلادي: نسب حرب ص ٣٨٨.
(٤) ابن سعد: الطبقات ٢/ ١٤٦ - ١٤٧؛ والواقدي: المغازي ٢/ ٨٦٩، ٨٧٠.
(٥) ابن الكلبي: الأصنام, ص ١٥.
(٦) ابن هشام: السيرة ١/ ٨٦؛ وابن حجر: الإصابة ٢/ ١٧٩, منسوبة إلى ابن إسحاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>