للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عليه الصلاة والسلام: "أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة" (١). وقال ليهود: "أنا أولى بموسى منكم" (٢).

وكما أن الرسالة الخاتمة امتدت بآفاقها الرحيبة إلى الماضي، فاعترفت برسالات الأنبياء السابقين في التاريخ، فإنها اختصت بعمومها فهي لسائر البشر وليست خاصة بقوم معينين وهي دين الحاضر والمستقبل وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (٣).

وقال عليه الصلاة والسلام: "وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة" (٤) وفي رواية مسلم "وأرسلت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون" (٥).

فالرسالة الخاتمة دعوة لوحدة الإنسانية تحت راية التوحيد لا تعترف بالطبقة، ولا بالعنصرية، ولا باختلاف اللون والعرق واللغة، بل هي تتجاوز كل ذلك تحقيقا للمساواة التامة بين البشر، وتوحيدا لموكب الإيمان في طريقه إلى الله.

ونظرا لأن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم عامة، تمتد في المكان لتشمل المعمورة، وفي الزمان لتستغرق ما بقي من تاريخ الإنسان، فقد تكفل الله بحفظها من التحريف والتبديل والضياع، وهكذا حفظ كتاب الله الخالد "القرآن الكريم" وحفظت سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم منذ أربعة عشر قرنا، فصار بوسع الأجيال المتلاحقة أن تعرف حقيقة الإسلام وتفاصيل العقيدة والشريعة كما عرفتها الأجيال الأولى دون اختلاف.

قال تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (٦).


(١) صحيح البخاري ٤/ ١٤٢ واللفظ له وصحيح مسلم حديث رقم ٢٣٦٥.
(٢) متفق عليه (صحيح البخاري ٤/ ١٢٦) وصحيح مسلم حديث رقم ١١٣٠.
(٣) سبأ آية:٢٨.
(٤) صحيح البخاري ١/ ٨٦.
(٥) صحيح مسلم ١/ ٣٧١ حديث رقم ٥٢٣.
(٦) الحجر:٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>