للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان ,وأخلاقيات السلوك المترتبة على تقرير قضية المصير {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} (١).

إن منهج القرآن فى تعريف الإنسان بذاته يرتكز على الصراحة والحق, فيكشف عن جوانب سلبية كما يكشف عن جوانب إيجابية

ويوضح أن جوانب السلب والإيجاب تكمن فى أعماق النفس وتتعايش داخلها ,وقد يظهر جانب على آخر ويطغى بقوته عليه ويبقى الجانب الآخر فى أغوار الإنسان قال تعالى {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} (٢) وبين أن الطغيان يجر الإنسان إلى الكفر والرغبة فى الاستغناء عن الله قال تعالى {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (٣) وقال {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} (٤) وقال {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} (٥) وقال {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} (٦) وكاشف القرآن الإنسان بحقيقة وجوده ,ومصدر متاعبه وصراعاته فى هذه الحياة, وإنه مخلق للمكابدة والتعب والنصب قال تعالى {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} (٧) فالدنيا دار امتحان وابتلاء وتمحيص, وعلى الإنسان أن يسعى لخلاص روحه ونفسه, بتوحيد الله وطاعته وعبادته وشكره واستغفاره, قال تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (٨) وقال تعالى {كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ} (٩) وقال تعالى {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} (١٠) وكما أن الإنسان لديه استعدادا للطغيان فإن لديه أيضا قابلية للخضوع والاستخذاء قال تعالى عن قوم فرعون وقومه: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} (١١) وهكذا فإن القرآن انكر الطغيان كما انكر الاستخذاء ,وهما خلقان متلازمان فى المجتمعات, فحيثما يوجد أحدهما يوجد الآخر, وليس من منجى سوى الاستجابة لداعى الله فى التزام الحق والعدل والرحمة والخير, قال تعالى {وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ} (١٢) وإذا أسرف الإنسان على


(١) المؤمنون: ١١٥.
(٢) الشمس: ٧ - ٨.
(٣) العلق: ٦ - ٧.
(٤) سبأ: ١٣.
(٥) العاديات: ٦.
(٦) عبس: ١٧.
(٧) البلد: ٤.
(٨) النجم: ٣٩.
(٩) القمر: ٣٥.
(١٠) نوح: ١٠.
(١١) الزخرف: ٥٤.
(١٢) الأحقاف: ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>