للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} (١) وقال: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (٣٣) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} (٢).

وهكذا تحدى القرآن الأجيال البشرية عبر القرون بأن يأتوا بمثل هذا القرآن ,أو بعشر سور مثله أو بسورة مثله ,أو بحديث مثله, فلم يجب أحد على تحديه, فبان أنه أنزل بعلم الله.

إن إنكار البعض للمعجزات الحسية غير القرآن لا وجه له ,فقد ثبتت بالأحاديث الصحيحة المستفيضة, فمعناها متواتر من حيث الدلالة على وقوع معجزات للنبي -صلى الله عليه وسلم- فيها خرق للناموس الطبيعى, كما فى حادثة شق الصدر فى العام الخامس من عمره - صلى الله عليه وسلم -.ثم تكرر ذلك قبل الإسراء والمعراج وهو فى الثانية والخمسين من عمره, وكلتا الحادثتين فى الصحيحين. فعن أنس بن مالك -رضى الله عنه-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتاه جبريل -عليه السلام- وهو يلعب مع الغلمان ,فأخذه فصرعه فشق عن قلبه, فاستخرج القلب, فاستخرج منه علقة, فقال: هذا حظ الشيطان منك, ثم غسله فى طست من ذهب بماء زمزم, ثم أعاده فى مكانه ,وجاء الغلمان يسعون -يعنى ظئره- فقالوا: إن محمدا قد قتل فاستقبوه وهو منتقع اللون. قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط فى صدره" (٣).

وفى الصحيحين عن أنس قال: "كان أبو ذر يحدث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: خرج سقف بيتى وأنا بمكة , فنزل جبريل ,ففرج صدرى ثم غسله بماء زمزم, ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغه فى صدرى, ثم أطبقه, ثم أخذ بيدى فعرج بى إلى السماء الدنيا" (٤).

ولا شك أن خبر شق الصدر لا تتقبله عقول الماديين ,أما المؤمنون بالغيب فهم يسلمون به تبعا لتسليمهم بالوحى والنبوة ,وهما خرق للقانون المادى ,لا


(١) البقرة:٢٣.
(٢) الطور:٣٣.
(٣) رواه الإمام مسلم فى صحيحه١/ ١٤٧.
(٤) رواه البخارى فى صحيحه كما فى فتح البارى١/ ٤٥٨ ومسلم فى صحيحه١/ ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>