للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقليل، أو بعده بقليل، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يمسح النوم عن وجهه، وقرأ العشر الآيات الخواتيم من سورة آل عمران. وقال إلى شِنّ - أي قربة - مُعلَّق فتوضأ منها، فأحسن الوضوء ثم قام يصلي.

قال عبد الله بن عباس: فقمت إلى جنبه، فذكر صلاته اثنتي عشر ركعة، ثم أوتر، ثم نام حتى جاءه المؤذن فقام فصلى ركعتين خفيفتين ثم خرج فصلى الصبح" (١).

وكانت قراءته للقرآن يمدُّها، ويقطِّعُها فيقول {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ثم يقف، ثم يقول {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ثم يقف. وكان ربما أسرَّ بالقراءة، وربما جهر، وكان يرجِّع صوته بالقراءة - أي يرددها -، وكل ذلك ثابت عنه بالأحاديث الصحيحة (٢).

وأحيانا كانت قراءته تختلط ببكائه، ويسمع نشيجه كما في حديث عبد الله بن الشخير قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء "وكيف لا يتأثر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن فيبكي وهو أعرف الناس بالله، وأوعاهم بالحق الذي أنزل عليه، وقد عرف وأبصر من أمور الغيب في الإسراء والمعراج ومباشرة الوحي ما ملأه علماً وخشية وفكراً وتأملا" (٣).

وكان عليه الصلاة والسلام يحب أن يسمع القرآن بصوت الآخرين من الصحابة مثل أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وأبي موسى الأشعري من أصحاب الحفظ والتجويد والأصوات الحسنة بالقرآن.

قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرأ عليّ. فقلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟. قال: "إني أحب


(١) صحيح البخاري ١/ ٥٣ وصحيح مسلم ١/ ٥٢٥ حديث رقم ٧٦٣.
(٢) مختصر الشمائل النبوية ١٦٦ - ١٦٨.
(٣) أخرجه أبو داؤد رقم ٩٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>