للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن أسمعه من غيري". فقرأت سورة النساء حتى بلغت {وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} قال: فرأيت عيني رسول الله تَهْمِلان" - متفق عليه - (١).

وروى الإمام البخاري بسنده إلى أنس بن مالك قال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب: إنَّ الله أمرني أن أقرئك القرآن. قال: الله سمَّاني لك؟ قال: نعم. قال: وقد ذكرت عند رب العالمين؟ قال: نعم. فذرفت عيناه" (٢).

وكان عليه الصلاة والسلام يعجبه صوت أبي موسى الأشعري وقد شبهه لحسنه بمزاميز آل داؤد.

وهكذا سمع القرآن بأصوات الصحابة رضوان الله عليهم.

وكان يصلي التطوع في بيته، ويؤم الصحابة في المسجد في الصلوات الخمس المكتوبة، وقد سئل عن الصلاة في البيت والمسجد فقال: "قد ترى ما أقرب بيتي من المسجد، فلأن أصلي في بيتي أحب من أن أصلي في المسجد إلا أن تكون صلاة مكتوبة (٣) " وذلك لأن صلاة الجماعة في المسجد خمس أوقات تحقق أغراضا نافعة؛ منها اجتماع المسلمين في الأماكن المتقاربة في مكان واحد مما يؤدي إلى تعارفهم وتعاونهم على البر والتقوى، وتفقدهم لأحوال بعضهم، ومنها إقامة شعائر الإسلام بمظهر يدل على القوة والغلبة للإسلام وأهله.

ثم إن صلاة المكتوبات في المسجد أعظم أجراً، لأن صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم. وأما صلاة التطوع فإن أداءها في البيت بعيدا عن الأعين يبعد بصحابها عن الرياء والخيلاء ويقربه من الأخلاص، ويجعله قدوة لأهل بيته ممن ليس يحضر صلاة الجماعة من النساء، وأصحاب الأعذار.


(١) الآية من سورة النساء ٤١، والحديث أخرجه البخاري: الصحيح ٦/ ١١٤ ومسلم: الصحيح حديث رقم ٨٠٠ والترمذي: سنن ٥/ ٢٣٨ رقم ٣٠٢٥ وسنن أبي داؤد ٥/ ٧٤ حديث رقم ٣٦٦٨.
(٢) فتح الباري ٨/ ٧٢٦ حديث رقم ٤٩٦١.
(٣) سنن أبي داؤد: ٩١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>