للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا كانت صلوات رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته في جوف الليل، وفي صلاة الضحى وفيما بين الصلوات المكتوبة، فقد جعلت قرة عينه في الصلاة، فهي معراج المؤمن، وكانت آخر ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وهو يودع الدنيا وينتقل إلى الرفيق الأعلى: "الصلاة وما ملكت أيمانكم" (١).

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يهدف إلى توثيق صلة القلب بالله بصورة دائمة، كما عبَّرت عائشة - رضي الله عنها - بقولها: "كان عمله دِيمةً" وقالت مرة وشاركتها القول أم سلمة، وقد سئلتا: أي العمل كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالتا: "ما ديم عليه وإن قلَّ" (٢).

وكان ينوِّع في عبادته ما بين صوم وصلاة وذكر وتعليم وجهاد، قال عوف بن مالك: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً، فاستاك ثم توضأ ثم قام يصلي، فقمت معه، فبدأ فاستفتح البقرة، فلا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمرُّ بآية عذاب إلا وقف فتعوذ ثم ركع، فمكث راكعا بقدر قيامه، ويقول في ركوعه: "سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة"، ثم سجد بقدر ركوعه، ويقول في سجوده: "سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة".ثم قرأ "آل عمران" ثم سورة ثم سورة، يفعل مثل ذلك" (٣).

وكان عليه الصلاة والسلام كثير الصوم. قال أنس بن مالك - رضي الله عنه -: "كان يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر، وكان لا تشاء أن تراه من الليل مصليا إلا رأيته، ولا نائما إلا رأيته" (٤).

وقد ذكرت عائشة - رضي الله عنها - أنه كان يتحرى صوم الاثنين والخميس" (٥) وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم سبب تحريه الصوم يومي الاثنين والخميس


(١) أخرجه ابن ماجه في سننه (الألباني: صحيح سنن ابن ماجة ٢/ ١٠٩ رقم ٢١٨١).
(٢) الألباني: مختصر الشمائل ١٦٤ - ١٦٥.
(٣) النسائي في سننه ٢/ ٢٢٣ وأحمد: المسند ٦/ ٢٤.
(٤) صحيح البخاري ٢/ ٤٦.
(٥) الترمذي: سنن ٧٤٥ وابن ماجة سنن ٧٣٩ وإسناده صحيح (الإرواء ٤/ ١٠٥ و ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>