للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويسأل غيره العون، إن الجياع أكثر من الطاعمين، والعراة أكثر من الكاسين، ومن عندهم المال ولا يحسون بالكفاية بل يدفعهم الطمع والحرص على جمع المال من كل سبيل إلى القلق وعدم الإحساس بالكفاية.

ومن درس سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرف قلة ما عنده من طعام وأثاث وأشياء أدرك معنى الزهد والقناعة والإحساس بالكفاية.

ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه أن ينظروا إلى من دونهم من الناس، ولا ينظروا إلى من فوقهم، فمن نظر إلى من دونه عرف عظيم نعمة الله تعالى عليه، وقنع بما أعطاه، وأحس الرضا بالقدر والحمد الله على الإيواء، فإن الإحساس بأن الله تعالى آوى العبد إليه، وهداه إلى سبيله، ونسبه إلى نفسه، وتولاه ولم يكله إلى سواه يجعل العبد في غاية الثقة بحاضره وبمستقبله، فلا يقلق لمصاب، ولا ينخلع قلبه خوفا من مواجهة الأحداث الثقيلة والتقلبات العنيفة، بل هو شامخ كالطود أمام أعاصير الحياة ....

وكيف لا تطمئن نفس من آواه الله الذي أحاط بكل شيء علما، والذي لا تعزب عنه مثقال حبة في الأرض ولا في السماء والذي ليس لقدرته حدود ولا لأمره رد؟.

وقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من صلَّى الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلُبَنَّكم الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبُّه على وجهه في نار جهنم" (١)

فأي أمان للإنسان أعظم من أمان الله، وأن يكون في ذمة الله وعهده وحفظه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح يقعد في مصلاه يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس (٢) ثم لا يزال بعدها يشكر نعم الله، فإذا طعم طعاما أو شرب شرابا أو لبس جديدا دعا الله تعالى شاكرا حامدا، فإذا ارتفعت الشمس تطوع لله بأربع وهي صلاة الضحى، وكان أبو هريرة - رضي الله عنه - يقول:


(١) صحيح مسلم ١/ ٤٥٥.
(٢) صحيح مسلم ١/ ٤٦٣، ٤/ ١٨١٠ ومسند أحمد ٥/ ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>