للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أَمَنَة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون"

(١).

ومعنى أَمنةُ أمتي: أي حَفَظَتهم كما أن الملائكة حفظة السماء، وهذا الحفظ للأمة بحفظهم لدينها، وقيامهم بطاعة الله والتزام أوامره، ودعائهم للمسلمين، وذودهم عن الدين بالجهاد بالنفس والمال واللسان، لذلك أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين في كل زمان ومكان بتوقير الصحابة واحترامهم ومحبتهم، ونهى عن أذاهم وتناولهم بالكلام الجارح والجرأة عليهم، ففي الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تسبُّوا أصحابي، فلو أن أحداً أنفق مثل أُحُد ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصِيفَه (٢) "، أي ما بلغ القدر اليسير من فضلهم.

وقد بشَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم العديد من الصحابة بالجنة فقال ونعم "أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة, وعلي في الجنة, وطلحة في الجنة, والزبير في الجنة, وسعد بن مالك في الجنة, وعبد الرحمن بن عوف في الجنة, وسعيد بن زيد في الجنة" (٣). فهؤلاء هم المبشرون بالجنة. ولم يحظَ بذلك جيل سوى جيل الصحابة رضوان الله عليهم ولم يكن الصحابة - رضوان الله عليهم - متساوين في الفضل والدرجة، بل كانوا يتفاضلون في السابقة والجهاد وكثرة البذل في سبيل الإسلام، قال تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} (٤) وقد فصلت الأحاديث الشريفة مقامات الصحابة وتفاضلهم ودرجاتهم.

روى الإمام مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير، فتحركت الصخرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:


(١) رواه مسلم في صحيحه حديث رقم ٢٥٣١.
(٢) رواه البخاري ومسلم (صحيح البخاري ٧/ ٢٧ و ٢٨ وصحيح مسلم حديث رقم ٥٤١).
(٣) الترمذي: سنن ٥/ ٦٤٧ - ٦٤٨ وأنظر: صحيح البخاري ٤/ ١٩٦، ٨/ ٩٧، ١٣٦ وصحيح مسلم ٤/ ١٨٦٨.
(٤) الحديد:١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>