للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْقُولَةٌ مِنَ التَّوَارِيخِ، واعَتْمَدْتُ مِنْهَا عَلَى الآخرِ مِنْ ذِكْرِ المَوْتِ، وعَلَى الأَوَّلِ مِنْ ذِكْرِ المَولُودِ) (١).

ولا شَكَّ أنَّ مَعْرِفةَ الوَفَاةِ لهُ أَهَمِّيةٌ بَالِغَةٌ لِكُلِّ مَنْ يَشْتَغِلُ بالحَدِيثِ، أَو بالمَغَازِي، أو بالتَارِيخِ، وهُو خَيْرُ وَسِيلةٍ لمَعْرِفةِ الاتِّصَالِ والانْقِطَاعِ، وكَشْفِ صِدْقِ المُخْبِر أو كَذِبه، وقدْ سَبقَ أنْ ذَكرْنا في التَّمْهِيدِ بَعْضَ أَقْوَالِ العُلَمَاءِ في مَكَانةِ هَذا الفَنِّ الجَلِيلِ.

الَمقْصَدُ الخَامِسِ:

رِوَايتُهُ للأَحَاديثِ:

إنَّ رِوَايةَ أَبي القَاسِمِ ابنِ مَنْدَه للأَحَادِيثِ التي رواها الصَّحَابةُ الكِرَامُ لَيُبَيِّنُ العِلَاقةَ الحَمِيمةَ بينَ عِلْمِ الحَدِيثِ والتَّارِيخِ، فَهُما عِلْمَانِ لا يَنْفَكُّ أَحَدُهُمَا عَنِ الآخِرِ، قالَ الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ: (ويَجْمَعُونَ -يَعْنِي أَهْلَ الحَدِيثِ- أَيْضًا مَا رُوِي عَنْ سَلَفِ المُسْلمِينَ مِنْ أَخْبَارِ الأُمُمِ المُتَقَدِّمينَ، وأَقَاصِيصِ الأَنْبِيَاءِ، وسِيَرِ الأَوْلِيَاءِ، والذي نَسْتَحِبُّه ألَّا يَتَعَرَّضَ لجِمْعِ شَيءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بعدَ الفَرَاغِ مِنْ أَحَادِيِث رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم) (٢).

ولأَجْلِ هَذِه العِلَاقَةِ المُتَلَازِمةِ بينَ هَذَيْنِ العِلْمَيْنِ نَجِدُ أنَّ أَغْلَبَ المُؤَرِّخِينَ المُعْتَبَرينَ كَانوا مُحدِّثينَ جَهَابِذِةً، مِثْلَ: مُحمَّدِ بنِ إسْحَاقَ، وخَلِيفَةَ بنِ خَيَّاطٍ، ومُحمَّدِ بنِ


(١) المستخرج الورقة (٢٧٣ أ).
(٢) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي ٢/ ٣٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>