والبحرين، والاحساء، الى أرياف العراق الى ضفاف الفرات، والدجلة، الى جبل سنجار، الى قرى الشام كتدمر، والسخنة، والقريتين، وقلما تتجاوز هذه القرى شمالا أو غربا، وقلما تقرب من الحضر، بل شديدة النفرة والعزلة، تقيم زرافات قليلة، في أماكن قضية، مختلفة من الحماد طول السنة شتاء وصيفا. ولا يقربها احد بضر أو أذى، فلا تغزو ولا تغزى، ولا تزوج الا بعضهم من بعض، ومن اكبر العار عند الاعراب عامة أن يسطو أحدهم على صليبي، ويسلبه شيئا.
وإذا كان هؤلاء الصلبة في حصانة تامة، ويعيشون في ذمام الجميع، فقد أصبحوا في غنى عن اقتناء الخيل والسلاح، وان استعملوا السلاح فللصيد فقط، وان اتخذوا الإبل، فعددها عندهم قليل جدا.
ومعظم ماشيتهم من الغنم، وقد اشتهروا باقتناء الأتن الأبيض، السريعة الجري، ينقلون عليها بيوتهم، إذا أرادوا الرحيل، ويركبونها، فتعدو عدو الظليم.
وللصلبة مهارة عجيبة في الصيد والقنص، وجلد عظيم عليه، حتى أنهم يكمنون ساعات طوالا في جفر يحتفرونها عند موارد الظماء، حيث لا ظل يقيهم الهجير المحرق أيام القيظ، فلا يرجعون، حتى ينالوا منها، ولهذا ترى بعضهم يكتسي بجلود الغزلان، وغيرها من حيوانات البر.
والصلبة أعرف أهل البادية بالمراعي والمناهل، وأحذقهم بسلك المفاوز والقفار، حتى أن البدو أنفسهم يتخذونهم أدلاء في جولانهم وغزواتهم البعيدة، فهم لا يتيهون قط، وتراهم في دجى الليل وحلك الظلام، وفي اكثف الضباب، وأغزر مطر، يرشدون مفرزة عسكرية الى بئر بعيد ٧- ٨ ساعات على الراجل، دون أي تردد، أو خطأ، فهم بهذا يخدمون البدو، ولهذا يعرفون أخبار البادية حتى القاصية منها حق المعرفة.
وعيشة الصلبة بسيطة جدا، فهم يرتزقون بتربية الغنم كسائر البدو، ويزيدون عليها بيع الأدوية النباتية، يصنعونها ويداوون مرضى الأعراب بها، وبالكي، وبما حذقوه من التجارب، فهم أطباء البادية المجربون الموثوق بهم دون منازع.