- ٤١) ولك أن تقول: أن الله تبارك وتعالى في جانب، والهوى في جانب، وقد قال تعالى:«أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً. أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً»(الفرقان: ٤٣ - ٤٤) وقال تعالى: «أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ»(الجاثية: ٢٣) .
... وفي الحديث:«حبك الشيء يعمي ويصم» . (١) وقال البريق الهذلي:
أين لي ما ترى والمرء تأبى ... عزيمته ويغلبه هواه
فيعمي ما يرى فيه عليه ... ويحسب ما يراه لا يراه
٢ - فصل
الدين على درجات: كف عما نهي عنه، وعمل ما أمر به، واعتراف بالحق، واعتقاد له وعلم به. ومخالفة الهوى للحق في الكف واضحة، فان عامة ما نهي عنه شهو ات ومستلذات، وقد لا يشتهي الإنسان الشيء من ذلك لذاته، ولكنه يشتهيه لعارض. ومخالفة الهوى للحق في الاعتراف بالحق من وجوه:
الأول: أن يرى الإنسان أن اعترافه بالحق يستلزم اعترافه بأنه كان على باطل، فالإنسان ينشأ على دين أو اعتقاد أو مذهب أو رأي يتلقاه من مربيه ومعلمه على أنه حق فيكون عليه مدة، ثم إذا تبين له أنه باطل شق عليه أن يعترف بذلك، وهكذا
(١) أخرجه أبو داود وغيره عن أبي الدرداء مرفوعاً. وفي سنده أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف. ن