ونفر عنهما، فهل يقول مسلم بعد هذا أن المأخذين السلفيين غير كافين في معرفة الحق في العقائد، وأن ما يؤخذ من علم الكلام والفلسفة مقدم عل المأخذين السلفيين ومهيمن عليهما؟ !
وقد قال الله تبارك وتعالى لمحمد وأصحابه:«كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ» آل عمران: ١١٠. وقال تعالى:«وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ» كَرِيمٌ الأنفال: ٧٤.
والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقال تعالى:«الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً» المائدة: ٣ وإكمال الدين وكمال إيمان الصحابة صريح في أن جميع العقائد المطلوب معرفتها في الإسلام كانت مبنية موضحة حاصلة لهم. وليس هذا كالأحكام العملية، فإنه لا يطلب معرفته ما لم يقع سببه منها فقد يكتفي في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ببيان الأصل الذي إذا رجع إليه عند وقوع سبب الحكم عرف منه الحكم. ثم رأيت في (شرح المواقف) بعد ذكر الأحكام العملية ما لفظه: «وإنها لا تكاد تنحصر في عدد، بل تتزايد بتعاقب الحوادث الفعلية فلا يتأتى أن يحاط بها ... بخلاف العقائد فإنها مضبوطة لا تزايد فيها أنفسها فلا تعذر الإحاطة بها» . وأيضاً فتأخير البيان إلى وقت الحاجة جائز عند الجمهور، فأما تأخيره عن وقت الحاجة فممتنع باتفاق الشرائع كما نقل عن القاضي أبي بكر الباقلاني، ووقت الحاجة إلى العقائد المطلوب اعتقادها في الشرع لا يمكن تأخره عن حياة النبي صلى الله عليه آله سلم، ووقت الحاجة في النصوص المتعلقة بالعقائد هو وقت الخطاب لأن المكلف يسمع فيعتقد، والقضية العملية التي تستدعي الحكم لا محيص للقاضي عن النظر فيها، والقضاء عندما تحدث، فأما العقائد فلوفرض أن فرعاً منها لم يعرف حاله من المأخذين السلفيين فحقه ترك الخوض فيه وأن يكون الخوض فيه بدعة ضلالة إذا لا ملجئ إلى النظر فيه فضلاً عن الكلام. وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق أنه قال: «خير