والمؤمن يخاف ويخشى أن لا يكون أتى بالطاعة على الوجه المشروع، وذلك من أوجه:
منها أن للصلاة مثلاً شرائط وأركاناً وواجبات قد اختلف في بعضها، والمجتهد إنما يراعي اجتهاده فيخشى أن يكون قصر في اجتهاده أو استزله الهوى، والعامي إنما يتبع قول مفتيه أو إمامه أو بعض فقهاء مذهبه، فيخشى أن يكون قصر أو تبع الهوى في اختياره قول ذاك المفتي أو في الجمود على مذهب إمامه في بعض ما اختلف فيه.
ومنها أن روح الصلاة الخشوع والنفس تتنازعها الخواطر فلا يثق المؤمن خشع بأنه كما يجب، فإن حاولت نفس المؤمن أن تقنعه بإخلاصها في نيتها واجتهادها وخشوعها خشى على نفسه أن يكون مغروراً مسامحاً لنفسه.
وهكذا تستمر خشية المؤمن بالنظر إلى طاعاته السالفة يرجوا أن يكون قبلها الله تعالى بعفوه وكرمه، ويحشى أن يكون ردت لخلل فيها، وإن لم يشعر به، أولخلل في أساسها وهو الإيمان.
هذه حال المؤمن في الطاعات، فما عسى أن تكون حاله في المعاصي؟ وقد قال الله تبارك وتعالى: «إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ الأعراف - ٢٠١ - ٢٠٢.
فالمؤمن يتصارع إيمانه وهواه فقد يطيف به الشيطان فيغفله عن قوة إيمانه، فيغلبه هواه فيصرعه، وهو حال مباشرة المعصية ينازع نفسه، فلا تصفوا له لذتها، ثم لا يكاد جنبه يقع على الأرض، حتى يتذكر فيستعيد قوة إيمانه فيثبت يعض أنامله أسفاً وحزناً على غفلته التي أعان بها عدوه على نفسه، عازماً على أن لا يعود لمثل تلك الغفلة. وأما إخوان الشياطين، فتمدهم الشياطين في الغي فيمتدون فيه ويمنونهم الأماني فيقنعون، فمن الأماني أن يقول: الله قدره علي، فما شاء فعل. قد أختلف العلماء في حرمة هذا الفعل. قد أختلفوا في كونه كبيرة، والصغائر أمرها هين. لي حسنات كثيرة تغمر هذا الذنب. لعل الله يغفر لي. لعل فلاناً يشفع لي. سوف