من تدبر القرآن وتصفح السنة والتأريخ علم يقيناً أنه لم يكن بين يدي السلف مأخذ يأخذون منه عقائدهم غير المأخذين السلفيين، وأنهم كانوا بغاية الثقة بهما والرغبة عما عداهما، وإلى ذلك دعاهم الشرع حتى لا تكاد تخلوا آية من آيات القرآن من الحض على ذلك. وهذا يقضي قضاء باتاً بأن عقائدهم هي العقائد التي يثمرها المأخذان السلفيان، يقطعون بما يفيدان فيه عندهم القطع، ويظنون ما لا يفيد أن فيه إلا الظن، ويقفون عما عدا ذلك، وهذا هو الذي تبينه الأخبار المنقولة عنهم كما تراها في التفاسير السلفية وكتب السنة، وهو الذي نقله أصاغر الصحابة عن اكبارهم، ثم نقله أعلم التابعين بالصحابة وأخصهم بهم واتبعهم لهم عنهم، ثم نقله صغار التابعين عن كبارهم، وهكذا نقله عن التابعين أعلم أتباعهم بهم، وأتبعهم لهم، وهلم جرا.
وهذا قول السلفيين في عقيدة السلف، ويوافقهم عليه أكابر النظار، صرح بذلك من لم ينصب نفسه منصب المدافع عن الدين والمحامي عن عقائد المسلمين كابن سينا وابن رشد وأشار إليه من نصب نفسه ذاك المنصب كما يأتي في مسألة الجهة. وأما من دون هؤلاء فمضطربون فمنهم من يقف، ومنهم من يزعم أن السلف كانوا واقفين في غالب العقائد التي اختلف فيها من بعدهم يطلقون بألسنتهم ما يوافق ظاهر النصوص غير جازمين بأنه على ظاهره أو على غير ظاهره، ومنهم من ينتحل السلف، فمن أتباع الأشعرية من يقول كانت عقيدة السلف هي عقيدة