واحد، وإنما تدل على الإعادة في الجملة، وإذا تدبرنا الحكمة في الإعادة أمكننا أن نفهم التفصيل تقريباً.
فمن الحكمة إظهار قدرة الله عز وجل على الحشر، وتصديق خبره بأنه واقع. وهذه الحكمة إنما تستدعي الإعادة في الجملة، وذلك يحصل بما يأتي قريباً.
ومنها أن ينال الجزاء هذه الأجزاء، وهذا غير متحتم لأن الكاسب المختار للطاعة أو المعصية، والمدرك لأثرها في الدنيا والمدرك للذة الجزاء أو ألمه في الآخرة هو الروح، وإنما البدن آلة لها، غاية الأمر أنه إذا كانت آلة الكسب هي آلة الجزاء كان ذلك أبلغ في كمال العدل فليكن من ذلك ما يمكن. وقد جاءت عدة نصوص تدل أن أبدان أهل الجنة والنار يكون بعض البدن منها أو كله من غير الأجزاء التي كانت منها في الدنيا، ففي (الصحيحين) في قصة الذين يخرجون من النار «فيخرجون قد أمتحشوا وعادوا حمماً فيلقون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ... » وجاءت عدة أحاديث أن أهل الجنة يكونون كلهم على صورة آدم طوله ستون ذراعاً، راجعها في «الباب التاسع والثلاثين» من (حادي الأرواح) . وقال تبارك وتعالى في أهل النار «كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ» . النساء: ٥٦.
وفي (صحيح مسلم) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع» وقال تعالى: «وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» آل عمران:١٦٩.
وفي (صحيح مسلم) من حديث أبن مسعود أنه سئل عن هذه الآية؟ فقال: أما إنا
قد سألناه عن ذلك فقال:«أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأو ي إلى تلك القناديل فأطلع إليهم ربهم أطلاعة ... » أخرجه عن جماعة عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن ابن مسعود، وقد أخرجه ابن جرير في (تفسير) ج ٤ ص ١٠٦ - ١٠٧ من