فأما الضرب الأول فسنبين إن شاء الله تعالى أن النظر فيه ميسر لكل أحد، وأن النظر العقلي المتعمق فيه لا حاجة إليه وهو مثار الشبهات، وملجأ الهدى ومنشأ الضلال، كما سيتضح ذلك إن شاء الله تعالى، فمن استجاب لتلك الدعوة إلى النظر الفطري الشرعي مخلصاً من شوائب الهوى، فإن كان النظر سابقاً على حق فإنه يتبين له بهذا النظر أنه حق، فيلزمه وقد صفا له وخلص، ونجا من اتباع الهوى وصفت له الطمأنينة.
وأما الضرب الثاني فمن كان قائلاً بشيء منه عن حجة صحيحة فإن الاستجابة لتلك الدعوة لا تزيد تلك الحاجة إلا وضوحاً مع الخلاص عن الهوى، وإلا فالجهل بهذا الضرب خير من القول فيه بغير حجة وإن صادف الحق.
وأما الضرب الثالث فالمتواتر منه والمجمع عليه لا يختلف حكمه، وما عداه قضايا اجتهادية يكفي فيها بذل الوسع لتعرف الراجح أو الأرجح أو الأحوط فيؤخذ به. وإنما يجئ البلاء فيها من أوجه:
الأول: التقصير في بذل الوسع.
الثاني: التمسك بما ليس من الحق.
الثالث: الاعتداد بترجيح النفس الذي يكون منشؤه الهوى.
الرابع: عدم الرجوع عما يتبين أن غيره أولى بالحق منه.
الخامس: معاداة المخالف مع احتمال أنه هو المصيب وظهور أنه كان مخطئاً فهو معذور، فمن شأن تلك الإستجابة لتلك الدعوة أن تدفع هذه المفاسد.
٥ - فصل
هذه أمور ينبغي لإنسان أن يقدم التفكير فيها ويجعلها نصب عينيه.
١- التفكير في شرف الحق وضعة الباطل، وذلك بأن يفكر في عظمة الله عز