وإن كان باطلاً في نفس الأمر، فليدع الخاصة الاحتجاج بالنصوص للجمهور، وليحققوا لأنفسهم!
(العاشر) : أنه كما وقع في الدين ذاك التلبيس في عقائد في ذات الله وصفاته، ولا مفر للمتكلمين الذين اعترفوا ببطلان تلك المعاني من الاعتراف به، فكذلك وقع في أمور المعاد، ووقوعها فيها أهو ن، والمدار إنما هو على اقتضاء المصلحة، وهي تقتضي التلبيس في أمور المعاد فإن الجمهور لا يخضعهم إلا الرغبة والوهبة، ولا تؤثر فيهم الرغبة والرهبة إلا فيما يتعلق بالجسمانيات التي عرفوها وألفوها.
وقد رأيت أن أفرض لأنه انعقد مجلس للنظر في هذه المقاصد حضره متكلم وسلفي وناقد، فجرى ما يأتي شرحه:
[النظر في المقصد الأول]
المتكلم: النصوص التي نوافق على بطلان ظواهرها لا نسلم أنها في تلك المعاني صريحة صراحة مطلقة أو ظاهرة ظهوراً مطلقاً، كيف والقرينة قائمة على صرفها عنها، وهي العقل والإشارات التي ذكرت في المقصد الثالث.
الناقد: أما العقل فقد زعم ابن سينا كما مر أن عقول الجمهور ومنهم المخاطبون الأولون موافقة لتلك المعاني، فإن منعت هذا فنؤجل البحث فيه إلى المقصد الرابع، وإن سلمته بطلت دعواك هنا، فإن قانون الكلام أن تكون القرينة كاسمها مقترنة بالخطاب في ذهن المخاطب أو بحيث إذا تدبر عرفها وعرف صرفها عن الظاهر، إذ المقصود عن نصب القرينة أن يكون الخبر صدقاً من حقه أن لا يفهم المخاطب منه خلاف الواقع ما لم يقصر. وإذا كانت عقول الجمهور ومنهم المخاطبون الأولون توافق تلك الظواهر وتجزم بوجوبها عقلاً أو جوازاً أولا تشعر بامتناعها فكيف يعتد عليهم بما قدر يدركه المتعمق في النظر بعد جهد جهيد، مع العلم بأنهم لم يعرفوا التعمق في النظر ولا خالطوا متعمقاً بل نهاهم الشرع عن