للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«بدء الخلق» وفيهما من حديث أنس «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لن يبرح الناس يتساءلون حتى يقولوا: هذا الله خالق كل شيء فمن خلق الله؟ لفظ البخاري في «الاعتصام» . وفي (مسند أحمد) من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحوالأول وفيه «فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل: آمنت بالله ورسوله، فإن ذلك يذهب عنه» . (١)

فمن أيقن بما قدمناه أول الرسالة من مرتبة الشرع فزع إليه فوجد الشفاء من تلك الوسوسة، ومن لم بفزع إليه وحاول الاكتفاء بذلك الجواب، وهو أن ذلك السؤال لا يرد أصلاً جاءه الشيطان من طريق أخرى فقال: إن كان هذا الذي تقوله أنه الموجد الحقيقي أو أنه واجب الوجود شبيهاً بهذه المحسوسات فحكمه حكمها، وإلا فماذا عساه أن يكون؟ فإذا دفع ذلك بنفي تلك الذات المقدسة بحجة أنه لم يرها، ولا رأى ما تكون من جنسه، وما كان هكذا فلا سبيل إلى تصوره، فالأكمة لا يتصور الألوان حتى أنه حتى لا يحلم في نومه بأنه أبصر شيئاً جاءه الشيطان من جهة أخرى فاستعرض ما يثبته العقل والشرع لله عز وجل فيعمد إلى أمر من ذلك فيقول: إن ثبت هذا لتلك


= النظرية يدفعه التفكير والبحث وأخذها من البديهيات والقطعيات والضرويات فهنا مرض عقلي ووسواس لا علاج له إلا الرجوع إلى طبيب العقول وهادي النفوس ومصححها وشافيها. وقد استشفى الغزالي بهذا الدواء حينما أصيب بهذا الشك في المحسوسات. وقد قال الشاعر:
وليس يصح في الاذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل
وقد قال ابن عقيل الحنبلي لرجل سأله أنه يغتسل ويتوضأ ويشك في وصول الماء إلى جسده وأعضائه؟
فقال ابن عقيل: سقط عنك التكليف لأنك مجنون وقد رفع القلم عن المجنون أو نحو هذا. م ع
(١) قلت: وإسناده حسن، وهو صحيح لغثير كما بينته في «الأحاديث الصحيحة» (١١٦) . ن

<<  <   >  >>