للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طلحة أجمع الحفاظ كما في (الإتقان) عن الخليلي على أنه لم يسمع من ابن عباس، وقال بعضهم: إنما يروي عنه بواسطة مجاهد أوسعيد بن جبير.

ولا دليل على أنه لا يروي عنه بواسطة غيرهما، والثابت عنهما في تفسير الصمد خلاف هذا كما مر، لكن ابن جرير قال: «الصمد عند العرب هو السيد الذي يصمد إليه الذي لا أحد فوقه، وبذلك تسمى به أشرافها ومنه قول الشاعر:

ألا بكر الناعي بخيري بني أسد ... بعمروبن مسعود وبالسيد الصمد

وقال الزبرقان: ... ولا رهينة إلا سيد صمد.

فإذا كان ذلك كذلك فالذي هو أولى بتأويل الكلمة المعنى المعروف من كلام من نزل القرآن بلسانه، ولوكان حديث ابن بريدة صحيحاً كان أولى الأقوال بالصحة لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعلم بما عنى الله جل ثناؤه وبما أنزل عليه.

أقول: الذي يدل عليه البيتان مع مراعاة الاشتقاق أن «صمد» بمعنى: مصمود


= اعتماد ابن جرير وابن أبي حاتم لروايته عن ابن عباس، فيه نظر، فإن مجرد الاعتماد على الرواية لا يدل على ثبوت إسنادها، لجواز أن يكون هناك ما يشهد لها من سياق أوسبب نزول، وأو غير ذلك، مما يسوغ به الاعتماد على الرواية مع كون إسنادها في نفسه ضعيفاً. على أنه ليس من السهل إثبات أن الإمامين المذكورين اعتمدا هذه الرواية في كل متونها، الله إلا إن كان المقصود بالاعتماد المذكور إنما هو اخراجهما لها، وعدم الطعن فيها، وحينئذ، فلا حجة لثبوت اخراجهما لكثير من الروايات بالأسانيد الضعيفة، وقد ذكرت بعض الأمثلة على ذلك من رواية ابن أبي حاتم في بعض تأليفي، منها قصة نظر داود عليه السلام إلى المرأة وافتتانه بها وقصة هاروت وماروت، وقد خرجتهما في «سلسة الأحاديث الضعيفة» برقم (٣١٤ / ١٧٠) .
على أنه لو سلمنا بما ذكر فضيلته من الاتصال، فلا يسلم السند إلى علي من كلام كما ذكره المصنف، مشيراً بذلك إلى الضعف الذي عرف صالح كاتب الليث، ففي «التقريب» : «صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة» . ن

<<  <   >  >>