للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعقولهم، ولا بنصوص الكتاب والسنة، ولا بمخالفة من هو أجل عندهم ممن قلدوه.

وقد جاء أفراد بمقالات تنبذها العقول الفطرية، ويردها النظر المتعمق فيه، ومع ذلك تبعهم من لا يحصى، والعرب إنما كانوا يستندون في إنكار ذاك الأصل إلى عقولهم الفطرية وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندهم أوسطهم نسباً، وأفضلهم خلقاً، معروفاً بينهم بالصدق والأمانة، والعدل وحب الحق والحرص عليه، ولا يريد رياسة ولا جاهاً، ثم جاءهم بالمعجزات، فلوجاءهم بذاك الأصل ونحوه أما كان يجد منهم من يقلده ويتبعه كما وجد المتعمقون والأفراد الآخرون، بل كما وجد الرسول نفسه في نفي نسبة الولد إلى الله عز وجل، وفي إثبات حشر الأجساد؟ وسيأتي في الجواب عن المقصد العاشر على هذا.

وهب أن الحاجة دعت إلى إظهار موافقتهم على ما يخالف ذاك الأصل وبعض فروعه وأنه ساغ ذلك، فقد كان يكفي نص أو نصان أو ثلاثة مما هو ظاهر في غير ما يوافقهم محتمل لما يوافقهم، فيحملون ذلك على ما يوافقهم وأهو ائهم، فإن كان ولابد فما يحتمل المعنيين على السواء، أو يكون ظاهراً فيما يوافقهم ظهوراً ضعيفاً، غايته أن يكون نحوكلمات إبراهيم، فما بال الكتاب والسنة مملوأين بتلك النصوص التي يزعم المتعمقون أن ظاهرها باطل، ومنها ما ظاهر بين، وما هو صريح واضح، وما هو واضح، وما هو محقق مثبت مؤكد، فهل كانت الضرورة تدعوة إلى ذلك كله؟

الثالث عشر: كلمات إبراهيم لم تقتض الحكمة أن يتداركها بالبيان في الدنيا لأنها كانت في قضايا مؤقتة، ولم تترتب عليها مفسدة ما كما تقدم، وتلك النصوص لوكانت لما يزعم المتعمقون لاقتضت الحكمة اقتضاء باتاً أن يتبعها الشرع بما يتبين الحق، ولم يقع من هذا شيء، فأما الإشارات المذكورة في المقصد الثالث فقد مر الكلام فيها.

فإن قيل: وكَلَهم الشرع إلى العقل.

<<  <   >  >>