ضرورة أنه إن لم يكن كذلك كان كاذباً، وقد قامت البراهين على استحالة أن يقع الكذب من الله تعالى ولا من رسوله.
فإن قيل: لا يلزم من فرض البطلان التكذيب، لجواز تأخير بيان المجمل الذي له ظاهر.
ومن أجاز التأخير فمحله في مجمل لا ظاهر له، أوله ظاهر بحسب اللفظ لكن تكون هناك قرينة صحيحة كدافع ذاك الظهور، فيبقى النص في حكم المجمل، الذي لا ظاهر له، على هذا إذا كان للنص ظاهر ولا قرينة تدافعه وجب الجزم بأن ذاك الظاهر هو المراد.
وهناك نصوص في الأحكام يمثلون بها لما أدعوه من جواز أن يكون للنص ظاهر غير مراد ويتأخر بيانه، ونحن نجيب عنها إجمالاً فنقول:
ما ثبت فيه الظهور وثبت أنه لم تكن قرينة صحيحة تدافعه وثبت أنه ورد بعده ما يخالفه فإننا نصحح ذلك الظاهر ونقول: إنه هو المراد، وإن ما ورد بعده مخالفاً فهو ناسخ له، فإن ثبت إن المتأخر ورد قبل العمل بالمتقدم اخترنا جواز النسخ قبل العمل، ويكون المقصود من الحكم السابق إنما هو ابتلاء المكلفين ليتبين من يتقبل الحكم بالرضا والعزم على العمل به والاستعداد له.
وعلى ذلك فهذا إنما يتأتى في النصوص المتعلقة بالأحكام، دون النصوص المتعلقة بالعقائد
والفرق بين النصوص التي قيل إنها كانت من المجمل الذي ظاهر غير مراد، وهي متعلقة بالأحكام وبين النصوص المتعلقة بالعقائد التي ينفرد المتعمقون بإنكار ظواهرها من وجوه:
الأول: أن الأولى يعقل فيها تأخر الحاجة كآية تنزل في شوال، وتتعلق بحكمٍ لصيام رمضان.