يزيد وينقص بكثرة النظر، ووضوح الأدلة ولهذا كان إيمان الصديق أقوى من إيمان غيره بحيث لا تعتريه الشبه، ويؤيده أن كل أحد يعلم أن ما في قلبه يتفاضل حتى أنه يكون في بعض الأحيان أعظم يقيناً وإخلاصاً وتوكلاً منه في بعضها، وكذلك في التصديق والمعرفة بحسب ظهور البراهين وكثرتها. وقد نقل محمد بن نصر المروزي في كتابه:(تعظيم قدر الصلاة) عن جماعة من الأئمة نحوذلك» .
فإن أحب الكوثري فليحكم على نفسه وعلى جمهور الناس أن أحدهم يختلف حاله في حياته، فيكون تارة مؤمناً وتارة غير مؤمن! وإن أحب فليثبت ما نفاه.
وفي (صحيح مسلم) وغيره قصة أبي ابن كعب رضي الله عنه في اختلاف القراءة وفيها قوله: «فسقط في نفسي من التكذيب في الجاهلية، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما قد غشيني ضرب في صدري، ففضت عرقاً، وكأنما أنظر إلى الله فرقاً..» ولا يرتاب عاقل أن لإيمان هذا الصحابي الجليل عند تلك الغشية دون إيمانه قبلها وبعدها. وقد عرض لعمر بن الخطاب وغيره قصة الحديبية ما يشبه ذلك. وفي حديث الرجل الذي قاتل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هو من أهل النار: «فكاد بعض الناس يرتاب» .
ولا يرتاب عاقل أن المؤمنين يتفاوتون في التقوى تفاوتاً عظيماً، وأعظم أسباب ذلك تفاوتهم في اليقين، فإننا نرى أحوالهم في اتقاء الضرر الدنيوي لا يتفاوت ذاك التفاوت. بل إنك تجد من نفسك أنه قد يقوى فترغب نفسك في الطاعة وعن المعصية، وقد يضعف فتتهاون بذلك. وكذلك تجد ذلك عندما تطلع على الأدلة أو الشبهات، فقد يقف العالم على عدة نصوص من الكتاب والسنة فيتبين له أن بعضها يصدق بعضاً، وقد يتراءى له أنها تتناقض. وقد يرى نصوصاً في العقائد، فيتبين له أن العقل موافق لها وقد يتراءى له أنه يخالفها. ويرى نصوصاً في الأحكام فيتبين له أنها موافقة للرأي والنظر والحكمة والقياس، وقد يتراءى له أنها مخالفة لذلك. ويرى نصوصاً في الأخبار عن الجن والشياطين، والأرض والسماء،