وقوله ص ١٩ في الامام الشهير محمد بن إسحاق بن خزيمة: «واعتقاد ابن خزيمة يظهر من كتاب (التوحيد) ... وعنه يقول صاحب (التفسير الكبير) ... إنه كتاب الشرك. فلا حب ولا كرامة» .
ويتتبع أصحاب الإمام طاعناً في اعتقادهم يُسِرّحَسْوا في ارتغاء، يقصد الطعن في الإمام أحمد، بل رمز في بعض المواضع إلى الطعن في الإمام أحمد بما هو أصرح من هذا، وطعن ص ٥ في رواة السنة وفي أئمتها الذيم امتحنهم المأمون وآله فقال: «وكانت فلتات تصدر من شيوخهم في الله سبحانه وصفاته بما ينبذه الشرع (الفلسفي) والعقل (الجهمي) في آن واحد، فرأى المأمون امتحان المحدثين والرواة في مسألة كان يراها من أجلى المسائل ليوقفهم موقف التروي فيما يرون ويروون، فأخذهم في مسألة القرآن، ويدعوهم إلى القول بخلق القرآن ... فمنهم من أجاب مرغماً من غير أن يعقل المعنى، ومنهم من تورع من الخوض فيما لم يخض فيه السلف» .
ولا ذنب لهؤلاء الأئمة إلا أنهم آمنوا بالله ورسوله وصدقوا كتاب الله وسنة رسوله، ولم يلتفتوا إلى ما زعمه غيرهم أنه لا يوثق بالفطرة والعقل إلا بعد إتقان علم الكلام والفلسفة، وأن النصوص الشرعية من كلام الله تعالى وكلام رسوله لا تصلح حجة في العقائد لأنها لا تفيد اليقين كما في (المواقف) وشرحها في أواخر الموقف الأول: «الدلائل النقلية هل تفيد اليقين؟ وقيل لا تفيد، وهو مذهب المعتزلة وجمهور الأشاعرة،.. وقد جزم الإمام الرازي بأنه لا يجوز التمسك بالأدلة النقلية» .
فلو أن الطاعن في أئمة السنة طعن فيهم من جهة العقل ساكتاً عن الدين لكان الخطب أيسر إذ يقال: إنه لم يتناقض بل غاية أمره أنه سكت عن الطعن في القرآن والنبي اكتفاء بما يلزم منه ذلك، فأما الطاعن فيهم من جهة الدين، فينبسهم إلى الزيغ والبدعة، والجهل بعقائد الإسلام، فلا يخفى كذبه على عارف. والله المستعان.