للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالأولى: لا شأن لهم بها بل يدعونها لعلماء الطبيعة.

وأما الثانية: فإما أن لا تكون من المأخذ السلفي الأول وإما أن تكون منه.

فالأولى: لا يعتدون بها إلا أن بعضه قد يتعرض لها وافقت المأخذين السلفيين.

وأما الثاني فيحكمون فيها الشرع، فإن وجدوه جاء بما يخالفها علوا أنها باطلة، وإن وجدوه أقر الناس على اعتقادهم الديني بحسبها علموا أنها حق، ولأن الشرع لا يقر على مثل هذا إلا وهو حق، فأما إذا زاد الشرع فجاء على وفقها فتلك الغاية.فهذا المعيار هو الذي ارتضاه الله عز وجل لعباده وكره لهم ما عداه، فهو الصراط المستقيم وسبيل الله وسبيل المؤمنين، وله مزايا لا تحصى، ومنها أنه أتم وأعم من معيار المتعمقين الضئيل الفائدة، ومنها أنه لا يؤدي إلى ما وقعوا فيه من الخروج عن الشرع والعقل بنسبتهم الكذب إلى الله تعالى ورسله كما سيأتي شرحه، ومنها انه لا يؤدي إلى الاختلاف في الدين وتفريقه، بدليل أن الصحابة والتابعين عليهم لهم بإحسان لم يختلفوا، فان أدى إلى اختلاف ما فلا يكاد يكون ألا من قبيل الاختلاف في فروع الفقه، لا يلزم المخطئ كفر ولا ضلال، على انه إن خيف اختلاف في الدين كان الواجب على الأكثر في زمن غلب فيه الخير عدم التدقيق، وعلى الأقل كتمان قولهم كما جرى عليه السلف في مسئله القدر، ومنها أن المخطئ إذا لم يقصر تقصيرا بينا يرجى له العفو، لأنه لم ينشأ خطأو هـ عن اتباع غير سبيل المؤمنين، والتماس الهدي من غير الصراط المستقيم، ومنها تيسر المعرفة بدون الخروج عن الصراط المستقيم ولا السبل المفرقة عن سبيل الله عز وجل، إذ يكفي للمعرفة العلم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله بدون حاجة إلى التعمق في المنطق والفلسفة.

ومنها أن العامة لا يحتاجون معه إلى التقليد المريب الموقع للمسلمين في الاختلاف والتفرق والتنابذ والتنابز والفتن، لأن القضية أما أن يتفق عليها علماء

<<  <   >  >>