أجاب بعضهم باختيار الضرورة، وأن الضروري قد لا يكون تصور طرفيه جلياً ولا تجريدها سهلاً، ولا يكثر وروده على الذهن فيؤلف ويستأنس به، فمثل هذا قد يخالف فيه قليل من الناس، ويدرك أنه دون قولنا «الواحد نصف الاثنين» وذلك لا يخرجه عن كونه ضرورياً. واختار بعضهم النظر، وأجابوا بما فيه طول وتعقيد، فراجعه في (المواقف) و (شرحها) ، لما قدمناه في أول الكلام مع منكري البديهيات.
الأمر الثاني (١) : الاعتقاد الجازم عقب النظر لا يعلم أنه علم لأنه لا يعلم إلا بضرورة أو نظر وكلاهما باطل، أما الضرورة فلأنه «قد يظهر للناظر بعد مدة بطلان ما أعتقده وأنه لم يكن علماً وحقاً، وكذلك نقل المذاهب ودلائلها لما مر من أنه قد يظهر صحة ما أعتقد بطلانه وبالعكس» كذا في (المواقف) و (شرحها) .
وأما النظر فلاحتياجة إلى نظر آخر ويتسلسل.
أجاب العضد بقوله:(الذي يظهر خطاؤه لا يكون نظراً صحيحاً والنزاع إنما وقع فيه» .
الأمر الثالث: النظر لا يفيد العلم إلا إذا علم عدم المعارض إذ معه يحصل التوقف «وعدمه ليس ضرورياً إلا لم وإلا لم يقع المعارض، أي لم ينكشف وجود بعد النظر، وكثيراً ما ينكشف فهو نظري، ويحتاج إلى نظر آخر وهو أيضاً محتمل لقيام المعارض ويتسلل» ، كذا في (المواقف) و (شرحها) .
أجاب العضد بقوله:«النظر صحيح في المقدمات القطعية كما يفيد العلم بحقية النتيجة يفيد العلم بعدم المعارض في نفش الأمر ضروري» .
(١) كذا الأصل. وقد سبق أنه قال «الوجه الأول» فالنظر يقتضي أن يقول هنا «الوجه الثاني» وكذا في بقية الأمور الباقية. ن