واضحاً أن غالب أقيسته أو عامتها خصوصاً ما يخالف المأخذين السلفيين لا تفيد اليقين بل تقصر عند النظار العارفين عن إفادة الاعتقاد الجازم.
فإن قيل: فكذلك أو قريب منه أدلة المأخذين السلفيين لأنها تقبل التشكيك ولوبصعوبة.
قلت: أما جلائل الأدلة من المأخذ السلفي الأول وهي التي يتوقف عليها ثبوت أصل الشرع فإنها تقبل التشكيك عند من ابتلي بالنظر المتعمق فيه. وهذا لا يضرنا، فإن من هؤلاء من شك في البديهيات كلها، ومنهم من يشك في كل شيء، ومن يجحد كل فيقول ليس في نفس الأمر شيء بحق كما تقدم، على أننا إن سلمنا قبول التشكيك مطلقاً، فإننا نقول: إن ذلك إنما يكون في حق من لم يقبل الشرع الحق ويمتثل أو امره.ووجوب قبول الشرع يكفي فيه العلم بأنه أولى بالحق والصدق والنجاة والسعادة، وهذا يحصل قطعاً لكل مكلف أصغى للحجة، فإذا قبل الإنسان الشرع وامتثل أو امره مع صدق رغبة في الحق هيأ الله تعالى له اليقين بما شاء إن لم يكن بدليل واحد فبمجموع أدلة كثيرة، وفوق ذلك العناية، قال تعالى:«أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ» المجادلة: ٢٢.