للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن بَطَّة: والتعجبُ على وجهين: المحبّةُ بتعظيمِ قدر الطاعة، والسَّخَطُ بتعظيم الذنب، ومِن ذلك قولُه : "عَجِب ربُّنا مِن شابّ ليست له صَبْوَة"، وعلى معنى الاستذكار للشيء وهو الجهلُ به قبل وقوعه ورؤيته تعالى الله عن ذلك.

٢١٨٠ - وما أحسنَ ما قال الإمامُ أبو سليمان الخَطَّابي (١): الكلامُ في الصفات فرعٌ على الكلام في الذات، فإذا كان إثباتُ ذاته إثباتَ وجودٍ لا إثباتَ كيفيّةٍ، فكذلك إثباتُ صفاته إثباتُ وجودٍ لا إثباتُ كيفيّةٍ.

قال الذَّهَبي: فكذلك نُثبتُ صفةَ التعجُّبِ أنّها صفةٌ لله تعالى كغيرها من صفاته المقدَّسة، وهي مُباينةٌ لصفاتِ المخلوقين ونعوتِ المجعولين، وإن اتَّفقت أسماؤها فهي مُنَزَّهَةٌ عن الأشباه بقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾، ثابتةٌ على الحقيقة بقوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، فنسألُ الله العظيمَ الهُدى والسدادَ وتركَ المراءِ والعنادِ.

٢١٨١ - وذكر مَكِّيُّ بن أبي طالب القَيْسي في كتاب وجوه القراءات (٢) قراءةَ حمزة والكسائي في قوله: ﴿بَلْ عَجِبْتَ﴾ ثم قال: وحجةُ مَن ضمَّ التاءَ أنه رَدَّ العَجَبَ إلى كلِّ مَنْ بلغَه إنكارُ المشركين للبعث مِن المُقِرِّين بالبعث، وعلى ذلك أتى قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ﴾ [الرعد: ٥] أي: فعَجَبٌ قولُهم عندكم وفيما تعقلون، وقد أنكر شُرَيْحٌ هذه القراءةَ وتَأَوَّلَها على رَدِّ الإعجابِ إلى الله جلّ ذكرُه فأَنْكَرَها، وليس الأمرُ على ذلك، إنّما الإِعْجابُ في القراءةِ بضمِّ التاءِ إلى المؤمنين مُضافًا إلى كلّ واحدٍ منهم.


(١) كلامه من رسالته الغنية عن الكلام وأهله كما نسبه إليه ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٥/ ٥٨ - ٥٩).
(٢) الكشف عن وجوه القراءات السبع (٢/ ٢٢٣).