للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والقولُ الثاني: إنّها الصعقةُ المذكورةُ في القرآن، وعلى هذا فتكون هذه الصعقةُ تُميتُ الأحياءَ، فيصيرون موتى، كالذين ماتوا من قبلهم، ويكون الذي أصابهم في هذه الصعقة ما صاروا به في حكم المصعوقين، إذ المراد بالصعقة وإن كان الإمامةَ للأحياء، فهو يتناول غيرَ الإماتة، ثم بعد هذه الصعقة يقوم من القبور من مات قديمًا وحديثًا، ونبيُّنا أوّلُ من تنشقُّ عنه الأرضُ، وتكون تلك الصعقةُ قد نالت ممّن تقدّم موتُه ما حصل له بها نوعٌ من الصعق، لا سيّما من كان حيًّا في قبره، والأنبياء أحياء في قبورهم، وقد قال طائفةٌ في قوله: ﴿يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ [يس: ٥٢]: إنّهم ينامون قبل القيامة نومةً، فإذا جاز أن ينامَ الموتى، جازَ أن يحصلَ لهم نوعٌ من الصعق؛ فإنّ الصعقَ يتناول الغشي والإغماءَ والموتَ ونحو ذلك ممّا يُغَيِّبُ العقلَ، كلُّ هذا يُسمّى صعقًا، والمصعوقُ: المغشيُّ عليه، وموسى خرَّ صَعِقًا بالإغماءِ، ولم يمُتْ".

[فصل]

٣٧٤٠ - قال عبد الحقّ الإشبيلي في كتاب العاقبة (١): "واعلَمْ أنّ كلَّ ميِّت مات فقد قامت قيامتُه، ولكنها قيامةٌ صغرى، وقيامةٌ كبرى، فالصغرى هي: ما تقوم على كلِّ إنسانٍ في خاصّته، من خرج نفسه، وفراق أهله، وانقطاع سعيِه، وحصوله على عمله، فإن خيرًا فخيرًا، وإن شرًّا فشرًّا، والقيامةُ الكبرى فهي التي تعمُّ الناسَ وتأخذُهم أخذةً واحدةً، والدليلُ على ذلك - أنّ كلَّ ميِّت يموتُ فقد قامت قيامتُه -: قولُ النبي لقومٍ من


(١) العاقبة في ذكر الموت والآخرة (ص ٢٥٤).