كثيرٌ من كتب الكلام لا يوجد فيها قولٌ للمسلمين إلّا هذا، وربّما حكاه بعضُهم عن أكثر المسلمين، وهذا لأنّ الذين يذكرون هذا - كالرازي وأمثاله - ليس لهم خبرةٌ بأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأقوال أئمّة المسلمين في أصول الدين، بل إنّما يعرفون أقوالَ الجهميّة والمعتزلة ونحوهم من أهل الكلام المُحدَث، وهؤلاء كلُّهم مُبتدِعة عند سلف الأمّة وأئمّتها، وبسبب مناظرة هؤلاء للفلاسفة حصل شرٌّ كبير في الإسلام، فإنّهم يُناظرون بجهل كثير بالعقليّات والسمعيّات.
والقول الثالث: قول من يقول بمعاد الأرواح التي هي النفس الناطقة فقط، كما يقوله من يقوله من المتفلسفة.
والرابع: إنكارُ المَعادَيْن مطلقًا، كما هو قول المكذِّبين بالجزاء بعد الموت، كما كان عليه المُكذِّبون بذلك من مشركي العرب وغيرهم من الأمم، ولهذا بيّن الله المعادَ في كتابه بأنواعٍ من البيانات، كما قد بُسط في موضعه.
[فصل]
٣٧٦٧ - ذكر الرازي في تقرير أمر المعاد من سورة ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١)﴾ [التين] ما مُلخَّصُه (١):
أنّه تعالى أقسم بأربعة أشياء على أمرين: أنّه خلق الإنسانَ في أحسن تقويم، وأنّه ردَّه عن تلك الخلقة الفاضلة الكاملة إلى أسفل سافلين، وهذان الأمران مُشاهدان محسوسان؛ لأنّ علم التشريح دلّ على أنّ خالق