للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خَلْقِه للشرّ، وقد فارق عَمْرو بنُ عُبَيْد رئيسُ المعتزلة جماعةَ المسلمين فقرأ: من شرٍّ ما خلق، بالتنوين، ليُثبتَ أنّ مع الله خالِقِين يخلقون الشرَّ، وهذا إلحادٌ وكفرٌ، والصحيحُ أنّ الله قد أَعْلَمَنا أنّه خَلَق الشرَّ، وأَمَرَنا أن نتعوَّذَ منه به، فإذا خَلَق الشرَّ -وهو خالقٌ الخيرَ بلا اختلافٍ- دلَّ ذلك على أنّه خَلَق أعمالَ العباد كلَّها من خير وشرٍّ، فيجبُ أن تكونَ ﴿مَا﴾ والفعلُ مصدرًا، فيكونُ معنى الكلام: أنّه تعالى عمَّ جميعَ الأشياء أنّها مخلوقةٌ له فقال: والله خلقكم وعملَكم، وقد قالت المعتزلةُ: إنّ ﴿مَا﴾ بمعنى الذي، فرارًا من أن يُقِرّوا بعموم الخلق لله.

قولُه تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [القصص: ٥٦] مع قوله: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢]، اتّفق المسلمون على أنّ تلك الهدايةَ المنفيّة ليس هي الهدايةُ المثبَتةُ له، لا نزاع في هذا بين أهل السنّة والقدريّة، أمّا الهدايةُ الثابتةُ فهي الدعوةُ والبيان، وأمّا حصولُ الهُدَى في القلب فهذا لا يُقْدَرُ عليه بالاتّفاق.

٢٤٦٤ - أخبرنا عيسى، أنا جعفر، أنا السِّلَفي، أنا أبو طالب البصري، ثنا عبد الملك بنُ بِشْران، أنا أبو بكر أحمد بنُ جعفر بن حَمْدان، ثنا إبراهيم بن عبد الله الكَجِّي، ثنا عبد الله ابنُ رجاء، ثنا يحيى أبو زكريا، عن أبي مالك الأَشْجَعي، عن رِبْعِيّ، عن حُذَيْفَة قال: قال رسول الله : "خَلَقَ الله كلَّ صانعٍ وصَنْعَتَه" (١).

٢٤٦٥ - أخبرتنا زينب ابنةُ الكمال رحمها الله، قالت: أنبأنا محمد بنُ عبد الكريم وإبراهيم بنُ محمود، قالا: أبنا وفاء بنُ أَسْعَد، زاد محمد


(١) أخرجه ابن بشران في أماليه (رقم: ١٢٤٣)، والرواية من طريقه. وإسناده حسن، عبد الله ابن رجاء هوة ابن عمر الغداني، قال في القريب: "صدوق يهم قليلًا"، وبقية رجاله ثقات. وهو مخرج في السلسلة الصحيحة (رقم: ١٦٣٧).