للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢٦٣١ - قال أبو الفَرَج بنُ الجَوْزي في كتاب النور في فضائل الأيّام والشهور (١):

"اتّفقت الروايات عن إمامنا أحمد بنِ محمد بنِ حَنْبَل أنّ النبي رأى ربَّه ليلةَ أُسْري به، والمشهورُ المعتمدُ عليه أنّه رأى ربَّه بعَيْنَيْ رأسه، وعليه عامّةُ أهل السنّة والنقل، ومنعَ من ذلك المعتزلةُ ومَنْ وافقهم مِن الأشعريّة، والدلالةُ على أنّه رآه بعَيْنَيْه قولُه تعالى: ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (١٧)[النّجْم]، قال ابنُ عبّاس مفسِّرًا لذلك: "رأى ربَّه بعَيْنَيْ رأسه وقوله: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)[النّجْم]، قال ابنُ عبّاس: "رأى ربَّه بعَيْنَيْ رأسه مرّتين وأخبر بأنّ النبيَّ رأى ربَّه جماعةٌ من أصحابه منهم: ابنُ عبّاس، وأبو ذرّ، وهذا يدلُّ على كَوْن ذلك مشهورًا بين الصحابة، قال المُخالف: قد أَنْكَرَتْ ذلك عائشةُ فقالت: "لقد قفّ شعري مما قال ابنُ عبّاس واحتجَّتْ على بطلان قوله بقوله: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعَام: ١٠٣]، وقالت: "إنّما رآه بعَيْنَيْ قلبه والجوابُ: أنه قد سُئل إمامُنا أحمد عن إنكار عائشةَ الرؤيةَ فقيل: بماذا تردُّ قولَ عائشة "من زعم أنّ محمدًا رأى ربَّه فقد أعظم الفريةَ فقال: أردُّه بقول النبي : "رأيتُ ربّي"، ومعنى قول أحمد: أنّه لا قول لصحابيٍّ مع قول النبي ، وجوابٌ آخر: وهو أنّ قولَ ابنِ عبّاس مقدَّمٌ على قول عائشة، لو لم يرِدْ في ذلك النقلُ عن النبي ؛ لأنّ ابن عبّاس كان أعلمَ بذلك منها، ولأنّه أثبتَ وهي نَفَتْ، ولأنّ قولَه يوافق ظاهرَ القرآن، على أنّ عائشة أثبتت رؤيته بقلبه، والخصمُ لا يُوافقُ على ذلك، فقد ترك قول عائشة، وجوابٌ آخر: وهو أنّ القلبَ لا يَرَى إلّا بعد رؤية العين، فما لا تُدركُه العينُ لا يُدرِكُه القلبُ، فيلزمُ عائشةَ بقولها إنّه رآه بقلبه أنْ راَه بعينيه، وجوابٌ آخر: وهو


(١) النور في فضائل الأيام والشهور (ق ٤٨/ ب - ٤٩/ أ - شستربيتي ٣٣٨٣).