الوتد وبين سبب الاضطراب، وما كان على وجه الماء يضطرب باضطرابه، لا يُرسَى بثقلٍ من فوقه، وإنّما يُوَتَّدُ بما تحت الماء، فجعل الله الجبالَ أوتادًا، تسميةً منه بخلق السكون، ليَعلم العقلاءُ أنّ الجبالَ أو الأسباب لا توجبُ لنفسها، وإنّما هي علاماتٌ على فعل الله الذي ينفرد بخلقه دون أحد سواه.
وأمّا تبسيطُها على وجه الأرض بسطًا، والأول أظهر، يعني: إعدامَ الجبال؛ لقوله ﴿فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان: ٢٣]، تُسَيَّر بعد السكون، وتُلَيَّن بعد الجمود والشدّة، ثم تُصَيَّر كالفتات، وتُصَيَّر بعدُ كالكثيب الأُهَيْل تنسفه الريحُ ويعود هباءً منثورًا، وترى الأرضَ بعدها بارزةً دونها".