للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قدحٌ في الشرع، وإنما التوكلُ والرجاءُ معنى يتألّف من موجب التوحيد والعقل والشرع، وذلك أن الالتفاتَ إلى السبب هو اعتمادُ القلب عليه ورجاؤه والاستنادُ إليه، وليس في المخلوقات من يستحقُّ هذا؛ لأنه ليس بمستقل، ولابدّ له من شركاءَ وأضدادٍ، ومع هذا كلّه فإن لم يسخّره مسبِّبُ الأسباب لم يُسخَّر، فالكواكب جزءُ سبب، وإنما هي جزءُ سبب في حالٍ دون حالٍ، في حال ظهورها على وجه الأرض يظهر نورها وأثرها، فإذا أَفَلَتْ انقطع نورُها وأثرُها، فلا يبقى حينئذ سببًا ولا جزءًا من السبب، ولهذا قال ابنُ الجُنَيْد: "لا أدب للآفلين"، وإنما الرب تعالى هو القيوم، يقيم العبد في جميع الأوقات والأحوال، فهو وحده الذي يُدعى ويُسأل، ويُرجى ويُتوكّل عليه، وكلّ ما سواه فقير إليه (١).

٤٦٤ - قال أبو أحمد عبد الله بن عديّ بن محمد الحافظ الجُرْجاني (٢): حدثنا أبو صالح القاسم بن الليث بن مسرور الراسبي - إملاءً عليّ من حفظه، وسألتُه عنه سنة تسع وتسعين ومائتين - قال: ثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي إملاءً قال: ثنا وهب بن جرير بن حازم قال: ثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر قال: لما توفي أبو طالب، خرج النبي إلى الطائف ماشيًا على قدميه، قال: فدعاهم إلى الإسلام فلم يجيبوه، قال: فانصرف فأتى ظلَّ شجرة، فصلى ركعتين ثم قال: "اللَّهم إليك أشكو ضعفَ قوتي، وقلّةَ حيلتي، وهَواني على الناس، أرحمَ الراحمين أنت أرحمُ بي، إلى من تَكِلُني، إلى عدوّ يتهجّمني، أم إلى


(١) هذا الكلام مقتبس بعضه من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ١٦٧، ١٦٩، ١٧٣).
(٢) الكامل في الضعفاء (٧/ ٢٦٩)، وفي إسناده عنعنة ابن إسحاق وهو مدلس مشهور، وبه أعلّه الهيثمي في المجمع (٦/ ٣٥).