للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الله ﷿ دون جميع خلقه، وإنما تحيّرت الجهميّةُ وضلّتْ عقولُهم، حين قالوا: إن الله لا يخلوا منه شيءٌ، ولا يزولُ عن موضعه، فأسرع إلى الجُهّال قولُهم، وكذلك قال الله ﷿ ولكن ليس بمنزلة الخلق في نزوله؛ لأنه ليس أحدٌ من الخلق يصعدُ من مكانٍ وموضعٍ كان فيه إلى مكانٍ غيره إلّا وهو زائلٌ عن موضعه ومكانه الأول بنفسه وعلمه؛ لجهله بما يحدثُ بعده على مكانِه وموضعِه الأول، وإن الله ﷿ إذا استوى من الأرض إلى السماء، أو نزل من سماءٍ إلى سماء، أو إلى أرضٍ، لم يَعْزُبْ عن علمه شيءٌ في السموات ولا في الأرض، علمُه بما فيهنّ بعد الاستواء وبعد الزوال (١) كعلمه بهنّ قبل ذلك، لم ينقص الاستواء [في النزول] (٢) من علمِه، ولا زاد تركُه في علمِه، [فمن كان هذا حاله] (٣) فليس بزائلٍ عن خلقه، ولا خلقُه [بخالٍ من علمِه تبارك الله رب العالمين] (٤).

١٢٠٥ - قال أبو منصور مَعْمَر بن أحمد الصُّوفي (٥): سمعتُ أبا محمد عبد الله بن إبراهيم بن عبد الملك يقول: قصدتُ مجلسَ علي بنِ سَهْل، فكان يتكلَّمُ في أهوال القيامة، فقرأ حديثَ ابن عباس في نزول الملائكة أهلِ سماء سماء إلى الأرض، فيقولُ الخلقُ: أفيكم ربُّنا؟ فيقولون: لا؛ ولكن هو آتٍ، فرأيتُ عليَّ بنَ سَهْل كلما قال: لا ولكن هو آت، كأنه يشاهدُ الحقَّ تعالى، ففزّع قلبي .

* * *


(١) هكذا بخط المصنف، وفي التنبيه والرد: "وبعد النزول"، وهو الصواب.
(٢) ما بين المعقوفين بيّض له المصنّف في الأصل، وقد استدركتُه من التنبيه والرد (ص ١١٦) للملطي.
(٣) من التنبيه والرد (١/ ١١٦) للملطي، وهو بياض في الأصل.
(٤) منه كذلك.
(٥) الأصبهاني، توفي سنة (٤١٨ هـ). تاريخ الإسلام (٨٢/ ٤٥٤).