سابقة على الإرسال فإن قوله سبحانه لموسى {إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} متقدم على قوله {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} فجميع ما تحدث به قبل قوله {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ} نبوة وما أمر به بعد ذلك من التبليغ فهو إرسال.
والحاصل أن النبوة راجعة إلى التعرف بالاله وبما يجب للاله والإرسال راجع إلى أمره الرسول بأن يبلغ عنه إلى عبادة أو إلى بعضهم ما أوجبه عليهم من معرفته وطاعته وإجتناب معصيته انتهى، ويحتاج إلى تأمل، ومنها أنه غير فيها بقوله وملائكته ولم يقل والملائكة لعدم الفرق بين الصيغتين فإن كلا منهما يفيد العموم والأولى تعرفت بالإضافة التي جاءت للتشريف والتعظيم، والثانية بال وقيل أن في الآية حذفاً تقديره أن الله يصلي وملائكته يصلوا والله أعلم.
والملائكة لا يحصي عددها إلا الله عز وجل لأن منهم الملائكة المقربين وحملة العرش وسكان سبع سموات أو خزنة الحنة والنار والحفظة على أعمال بني آدم كما في قوله يحفظونه من أمر الله والموكلين بالبحار والسحاب والامصار والأرحام والنطف والتصوير ونقخ الأرواح في الأجساد وخلق النبات وتصريف الرياح وجري الأفلاك والنجوم وإبلاغ صلاتنا على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - زكتابة الناس يوم الجمعة والتأمين على قراءة المصلين وقول ربنا ولك الحمد. والداعين لمنتظر الصلاة واللاعنين لمن هجرت فراش زوجها إلى غير ذلك مما وردت به الأحاديث الصحيحة وغيرها وأكثر ذلك موجود في كتاب العظمة لأبي الشيخ بن حيان الحافظ.
وفي تفيير الطبري من طريق كنانة العدوى أن عثمان سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عدد الملائكة الموكلين بالآدمي فقال: لكل آدمي عشرة ملائكة بالليل وعشرة بالنهار. وواحد عن يمينه وآخر عن شماله وأثنان من بين يديه ومن خلفه وأثنان على شفتيه ليس يحفظان عليه إلا الصلاة على محمد، وأثنان على جبينه وآخر قابض على ناصيته فإن تواضع رفعه إن تكبر وضعه والعاشر يحرسه من الحية أن تدخل فاه: يعني إذا نام. وقيل إن كل إنسان معه ثلاثمائة وستون ملكاً وليس في العالم العلوي والعالم والسفلي مكان إلا وهو معمور بالملائكة الذين {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ