مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} ، وقد ثبت في المستدرك للحاكم من حديث عبد الله بن عمرو وإن الله جزأ الخلق عشرة أجزاء فجعل الملائكة تسعة أجزاء وجزأ سائر الخلق الحديث، وفي حديث المعراج المتفق على صحته أن البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودوا آخر ما عليهم.
وفي حديث أبي ذر عند الترمذي وإبن ماجة والبزار مرفوعاً اطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وعليه ملك واضع جبهته ساجداً الحديث، وفي جابر مرفوعاً عند الطبراني ونحوه من حديث عائشة عند الطبراني ما في السماوات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كف إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد ومعلوم أن الجميع يصلون على سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنص القرآن حيث كانوا وأين كانوا وهذا مما خصه الله به دون سائر الأنبياء والمرسلين.
ومنها أنه تعالى قال فيها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ولم يقل الناس وإن كان الكفار مخاطبين بالفروع الإسلامية على الصحيح لأن الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - من آجل القرب فخص بها المؤمنون. قلت وقد استثنى شيخ الإسلام البلقيني من قولهم الكفار مخاطبون بفروع الشريعة مسائل منها معاملتهم الفاسدة المقبوضة. ومنها أنكحتهم الفاسدة، ومنها عدم الحد في شرب الخمر، ومنها كل خطاب جاء فيه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} لا يدخل الكفار فيه والله أعلم.
تنبيهان: أحدهما قد كثر السؤال عن الحكمة في تأكيد التسليم بالمصدر دون الصلاة وأجاب الفاكهاني بما حاصله أن الصلاة مؤكدة بأن وكذا باعلامه تعالى أنه تعالى يصلص عليه وملائكته ولا كذلك السلام فحسن تأكيده بالمصدر إذ ليس ثم ما يقوم مقامه. وأجاب شيخنا رحمه الله تعالى بجواب آخر ملخصه أنه لما وقع تقديم الصلاة على السلام في اللفظ وكان للتقديم مزية في الإهتمام حسن إن يؤكد السلام لتأخر مرتبته في الذكر لئلا يتوهم قلة الإهتمام به لتأخره، ورأيت في كتاب ابن بنون أن السلام قد جاء ما يتضي تأكيده مثل قوله عليه السلام أن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام، وقوله إذا سلم علي أحد رد الله علي روحي وفي هذا نظر والعلم عند الله تعالى.