للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال بعضهم: الأولى من هذه الأقوال الثلاثة المذكورة في حقيقة دلالة اللفظ: هو القول الأول الذي هو: فهم السامع ... إلى آخره.

والجواب عن الاعتراض عليه بتفسيره بصفة الشيء في غيره: أن صفة (١) الشيء في غيره لا يضره ذلك، والدليل على ذلك: أن الدلالة بمنزلة الصناعة كالنجارة، والخياطة، والصياغة، ونحوها، بجامع الفعالة بكسر الفاء، فكما يقال للناجر: ناجر، مع أن النجارة في الخشب، ويقالَ للخائط (٢): خائط، مع أن الخياطة في الثوب، ويقال للصائغ: صائغ، مع أن الصياغة في المصوغ، فكذلك يقال للفظ: دال، مع أن (٣) الدلالة في السامع (٤).

وقال بعضهم: لا يصح أن يكون هذا صفة الشيء في غيره؛ وذلك أن فهم السامع هو أثر الصفة، لا أنه نفس الصفة، فالدلالة صفة للفظ، ولكن أثرها في السامع، كما أن النجارة، والخياطة، والصياغة في الفاعل الذي هو: الناجر (٥)، أو الخائط (٦)، أو الصائغ (٧)، ولكن أثر هذه المعاني ظاهر في المفعول الذي هو: الخشب أو الثوب أو المصوغ (٨).

وأما هذه المعاني التي هي النجارة، والخياطة، والصياغة، فهي أعراض


(١) في ز وط: "أن كون صفة".
(٢) في ز: "للخياط".
(٣) في ط: "على أن".
(٤) ذكر هذا الجواب بمعناه القرافي في شرح التنقيح ص ٢٣، وانظر: شرح التنقيح للمسطاسي ص ٩٥.
(٥) في ط: "النجار".
(٦) في ز: "النجار والخياط".
(٧) في ز: "والصائغ".
(٨) في ط: "والمصوغ".