للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنما جاء امتناع القبول للكذب (١) في هذه الأمثلة من جهة المخبر والمخبر عنه.

وقولك: الواحد نصف العشرة لا يقبل إلا الكذب؛ لأنه خبر على خلاف الضرورة، فلا يقبل الصدق، ولكن ذلك من جهة المخبر عنه، لا من جهة الخبر (٢) بنفسه (٣)، وذلك أن جهة المخبر والمخبر عنه أمر عارض للخبر، وليس بوصف ذاتي له، ولا تنافي بين اقتضاء الشيء بالذات، وبين تخلفه (٤) لعارض، كالعالم فإنه من حيث ذاته جائز، ومن حيث تعلق علم الله تعالى وإرادته بإيجاده واجب.

قوله: (والخبر هو اللفظ الموضوع ...) إلى آخره.

اعترض هذا الحد بأن قيل: الصدق والكذب ضدان لا يجتمعان في محل واحد، فكيف يجتمع قبولهما في الخبر؟ فالأولى (٥) أن (٦) يأتي بأو، فيقول: يقبل (٧) الصدق أو الكذب.

أجيب عن هذا بأن قيل: لا يلزم من التنافي بين المقبولين التنافي بين القبولين، وذلك أن كل جسم قابل جميع الأضداد، فاجتمعت له القبولات كلها، ولا تجتمع له المقبولات (٨)، وانما تتعاقب عليه على سبيل البدل.

مثال ذلك: العَالَم ممكن قابل للوجود والعدم لذاته، مع أن الوجود


(١) "للكذب" ساقطة من ط.
(٢) ذكر هذا المثال القرافي في شرح التنقيح ص ٣٤٦.
(٣) في ط: "نفسه".
(٤) في ط: "نحافة".
(٥) في ط: "فأولى".
(٦) في ط: "بأن".
(٧) "يقبل" ساقطة من ط.
(٨) في ط: "القبولات".